فِي الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ، قَالَ تَعَالَى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: ١] إلَخْ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ إلَّا لِضَرُورَةٍ تَقْتَضِيهِ كَمَا يَأْتِي.
(وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا) السُّكْنَى فِي عِدَّتِهَا. بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ: (إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ) لَمْ يَدْخُلْ بِهَا و (أَسْكَنَهَا مَعَهُ) فِي بَيْتِهِ (وَلَوْ لِكَفَالَةٍ) كَكَوْنِهَا صَغِيرَةً، وَلَهُ عَلَيْهَا الْكَفَالَةُ لِتَنْزِيلِ إسْكَانِهَا مَعَهُ مَنْزِلَةَ الدُّخُولِ، وَقَوْلُنَا: " وَلَوْ " إلَخْ فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ إلَّا الْكَفَالَةَ.
(وَالْمَسْكَنُ لَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَهُوَ إشَارَةٌ لِلشَّرْطِ الثَّانِي: أَيْ إنْ دَخَلَ بِهَا إلَخْ وَكَانَ الْمَسْكَنُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ مِلْكًا لَهُ، (أَوْ) بِأُجْرَةٍ و (نَقَدَ كِرَاءَهُ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ فَلَوْ نَقَدَ الْبَعْضَ فَلَهَا السُّكْنَى بِقَدْرِهِ فَقَطْ، (وَإِلَّا) يَنْقُدُ (فَلَا) سُكْنَى لَهَا، (وَلَوْ كَانَ) الْكِرَاءُ (وَجِيبَةً) عَلَى الرَّاجِحِ، (وَسَكَنَتْ) الْمُعْتَدَّةُ مُطَلَّقَةً أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا (عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ) قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ، وَلَا تَنْتَقِلُ لِغَيْرِهِ. (وَرَجَعَتْ لَهُ) وُجُوبًا (إنْ نَقَلَهَا) لِغَيْرِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا، أَوْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ (وَاتُّهِمَ) عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهَا لِيُسْقِطَ سُكْنَاهَا فِي الْمَكَانِ الْأَوَّلِ، (أَوْ كَانَتْ) حَالَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ مُقِيمَةً (بِغَيْرِهِ) لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِمَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إنْ دَخَلَ بِهَا] : أَيْ وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِلْوَطْءِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُطِيقَةِ فَلَا سُكْنَى لَهَا إلَّا إذَا أَسْكَنَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَهَا السُّكْنَى، دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا. وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ دَخَلَ بِصَغِيرَةٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا سُكْنَى لَهَا فِي الطَّلَاقِ، وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَلَهَا السُّكْنَى إنْ كَانَ ضَمَّهَا إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقَلَهَا اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهَا.
قَوْلُهُ: [فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُصَنِّفِ] : أَيْ خَلِيلٌ تَبِعَ ابْنَ يُونُسَ حَيْثُ قَالَ نَقْلًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَخَذَهَا لِيَكْفُلَهَا ثُمَّ مَاتَ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا يَنْقُدُ] إلَخْ: الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ نَقَدَ الْكِرَاءَ كَانَ لَهَا السُّكْنَى كَانَتْ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهِرَةً اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَفِي الْمُشَاهِرَةِ لَا سُكْنَى لَهَا اتِّفَاقًا، وَفِي الْوَجِيبَةِ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute