خَبَرُهُ (بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ) : بِالْبَحْثِ عَنْهُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُظَنُّ ذَهَابُهُ إلَيْهَا.
فَإِذَا تَمَّ الْأَجَلُ دَخَلَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ دُخُولٍ فِيهَا، وَلَهَا الرُّجُوعُ إلَى التَّمَسُّكِ بِزَوْجِهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا لِفَرْضِ حَيَاتِهِ عِنْدَهَا.
(وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (الرُّجُوعُ) إلَى عِصْمَةِ زَوْجِهَا، وَالْبَقَاءِ عَلَيْهَا لِفَرْضِ مَوْتِهِ عِنْدَهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَرَجَحَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَهَا مَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ، فَلَوْ خَرَجَتْ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ اتِّفَاقًا.
(وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا فِي عِدَّتِهَا، بَلْ تَسْقُطُ عَنْ زَوْجِهَا لِفَرْضِهَا مَوْتَهُ بِشُرُوعِهَا فِيهَا، (وَقُدِّرَ بِهِ) : أَيْ بِالشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ (طَلَاقٌ) مِنْ الْمَفْقُودِ عَلَيْهَا يُفِيتُهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ بِالْبَحْثِ عَنْهُ] : مِنْ هُنَا نَقَلَ الْمَشَذَّالِيُّ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّ الْمَفْقُودَ الْيَوْمَ يَنْتَظِرُ مُدَّةَ التَّعْمِيرِ لِعَدَمِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْهُ الْآنَ، وَأَقَرَّهُ تِلْمِيذُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ. وَلَكِنَّ مَحَلَّ هَذَا كُلِّهِ عِنْدَ دَوَامِ النَّفَقَةِ وَعَدَمِ خَوْفِ الْعَنَتِ كَمَا عَلِمْت، وَدَيْنُ اللَّهِ يُسْرٌ «وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» .
قَوْلُهُ: [دَخَلَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ] : أَيْ وَعَلَيْهَا الْإِحْدَادُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا يَأْتِي هُنَا قَوْلُهُ سَابِقًا إنْ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا، وَقَالَ النِّسَاءُ لَا رِيبَةَ بِهَا وَلَا انْتَظَرَتْهَا أَوْ تَمَامِ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ لِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ حِينِ التَّأْجِيلِ كَذَا فِي (عب) .
قَوْلُهُ: [وَقُدِّرَ بِهِ] إلَخْ: أَيْ فَيُقَدَّرُ وَفَاتُهُ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ، وَتَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ الْقَضَاءُ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ لَهَا الْمَهْرُ بَلْ لَهَا نِصْفُهُ إلَّا إذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ أَوْ ثَبَتَ مَوْتُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا فَهَلْ يُعَجَّلُ جَمِيعُهُ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ، أَوْ يَبْقَى عَلَى تَأْجِيلِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ أَرْجَحَ مَعَ حُلُولِ مَا أُجِّلَ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ لَا مَوْتٌ حَقِيقَةً، وَثَمَرَةُ تَقْدِيرِ طَلَاقِهِ أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إلَخْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute