وَهُوَ أَمْرَانِ: الرِّدَّةُ وَالشَّكُّ. وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِحَدَثٍ وَلَا سَبَبٍ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُمَا مِنْ أَقْسَامِ السَّبَبِ.
أَمَّا الرِّدَّةُ فَهِيَ مُحْبِطَةٌ لِلْعَمَلِ؛ وَمِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ قَوْلَيْنِ رَجَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا. وَأَمَّا الشَّكُّ فَهُوَ نَاقِضٌ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَبْرَأُ مِمَّا طُلِبَ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، وَلَا تَعَيُّنَ عِنْدَ الشَّاكِّ. وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ: مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ. وَالشَّكُّ الْمُوجِبُ لِلْوُضُوءِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الْأُولَى: أَنْ يَشُكَّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَقَدُّمِ طُهْرِهِ، هَلْ حَصَلَ مِنْهُ نَاقِضٌ - مِنْ -
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُمَا] إلَخْ: قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ مَجْمُوعِهِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ تُعَدَّ الرِّدَّةُ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ، لِأَنَّهَا تُحْبِطُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ لَا خُصُوصَ الْوُضُوءِ. كَمَا قَالُوا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ فَكَذَا مَا هُنَا. وَأَمَّا الشَّكُّ فِي الْحَدَثِ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْقِسْمَيْنِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْحَدَثِ مَا يَشْمَلُ الْمُحَقَّقَ وَالْمَشْكُوكَ، وَكَذَا السَّبَبُ.
قَوْلُهُ: [وَمِنْهُ الْوُضُوءُ] إلَخْ: فِي الْبُنَانِيِّ قَوْلٌ بِاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ مِنْ الرِّدَّةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: [عَلَى الْأَرْجَحِ] إلَخْ: هَذَا رَاجِعٌ لِلْغُسْلِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَرَجَّحَهُ بَهْرَامُ فِي صَغِيرَةٍ، وَالثَّانِي: لِابْنِ جَمَاعَةَ. وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ (ح) تَرْجِيحُهُ وَتَبِعَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى إحْبَاطِهَا الْعَمَلَ مِنْ حَيْثُ الثَّوَابُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ ثَوَابِهِ إعَادَتُهُ، فَلِذَا لَا يُطَالَبُ بَعْدَهَا بِقَضَاءِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ صَارَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَلَغَ حِينَئِذٍ.
فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِمُوجِبِهِ، وَهُوَ إرَادَةُ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ. بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِوُقُوعِ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِهِ. وَوَجْهُهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ نَفْسَ الْأَعْمَالِ، فَإِذَا ارْتَدَّ وَبَطَلَ عَمَلُهُ رَجَعَ الْأَمْرُ لِكَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِالْحَدَثِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْعَمَلِ، سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ الْحَدَثُ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ.
قَوْلُهُ: [وَالشَّكُّ الْمُوجِبُ] إلَخْ: الشَّكُّ مُبْتَدَأٌ وَثَلَاثٌ خَبَرٌ.
قَوْلُهُ: [الْأَوْلَى أَنْ يَشُكَّ] إلَخْ: هَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا النِّزَاعُ، هَلْ هِيَ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ أَوْ فِي الشَّرْطِ؟ وَالْحَقُّ أَنَّهَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ حُكْمٍ وَإِنَّمَا بِالنَّقْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute