مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ. (اهـ) .
(وَ) شُرُوطُ (لُزُومِهِ) أَيْ الْبَيْعِ: (تَكْلِيفٌ) فَلَا يَلْزَمُ صَبِيًّا مُمَيِّزًا وَإِنْ صَحَّ، مَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا عَنْ مُكَلَّفٍ؛ وَإِلَّا لَزِمَ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ الْمُوَكِّلِ.
(وَعَدَمُ حَجْرٍ) : فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْجُورَ لِسَفَهٍ أَوْ رِقٍّ إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ. (وَ) عَدَمُ (إكْرَاهٍ) : فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ: (لَا إنْ أُجْبِرَ) ، الْعَاقِدُ (عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الْبَيْعِ (أَوْ عَلَى سَبَبِهِ جَبْرًا حَرَامًا) : أَيْ لَيْسَ بِحَقٍّ فَيَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ. (وَرَدُّ) الْمَبِيعِ (عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الْبَائِعِ إذَا لَمْ يُمْضِهِ وَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا عِتْقٍ وَلَا إيلَادٍ (بِلَا ثَمَنٍ) يَغْرَمُهُ لِلْمُشْتَرِي، وَهَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا أُجْبِرَ عَلَى سَبَبِهِ؛ كَمَا إذَا أَجْبَرَهُ ظَالِمٌ عَلَى مَالٍ فَبَاعَ سِلْعَتَهُ لِإِنْسَانٍ لِيَدْفَعَ ثَمَنَهَا لِلظَّالِمِ أَوْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَا يُلْزَمُ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ] : أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَمُقَابِلُهُ: أَنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا لِمَصْلَحَةٍ؛ وَهُوَ الرِّفْقُ بِالْمَسْجُونِ لِئَلَّا يَتَبَاعَدَ النَّاسُ عَنْ الشِّرَاءِ فَيَهْلِكَ الْمَظْلُومُ. وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ كِنَانَةَ، وَقَدْ اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَأَفْتَى بِهِ اللَّخْمِيُّ وَالسُّيُورِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِفَاسَ - كَذَا فِي (بْن) وَفِيهِ أَيْضًا: أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ وَسَلَّفَهُ إنْسَانٌ دَرَاهِمَ، كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَيْهِ. بِخِلَافِ مَا إذَا ضَمِنَهُ إنْسَانٌ فَدَفَعَ الْمَالَ عَنْهُ لِعَدَمِهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الظَّالِمِ. وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَقُولَ لِلدَّافِعِ: أَنْتَ ظَلَمْت وَمَالُك لَمْ تَدْفَعْهُ إلَيَّ، بِخِلَافِ الْمُسَلِّفِ. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي (عب) مِنْ عَدَمِ رُجُوعِ الْمُسَلِّفِ.
قَوْلُهُ: [جَبْرًا حَرَامًا] : أَيْ وَأَمَّا لَوْ أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ جَبْرًا حَلَالًا لَكَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا؛ كَجَبْرِهِ عَلَى بَيْعِ الدَّارِ لَتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ، أَوْ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ لِوَفَاءِ دَيْنٍ أَوْ لِنَفَقَةِ زَوْجَةٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ وَالِدَيْنِ، أَوْ لِوَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَرَاجِ السُّلْطَانِيِّ الَّذِي لَا ظُلْمَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute