وَلَوْ مُصْحَفًا كَامِلًا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ حَمْلُهُ بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ بِالْحَمْلِ، كَصُنْدُوقٍ وَنَحْوِهِ فِيهِ مُصْحَفٌ أَوْ جُزْءٌ وَقَدْ حَمَلَهُ فِي سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ. فَإِنْ قُصِدَ الْمُصْحَفُ فَقَطْ أَوْ قُصِدَا مَعًا، مُنِعَ إذَا كَانَ قَصَدَ الْمُصْحَفَ ذَاتِيًّا لَا بِالتَّبَعِ لِلْأَمْتِعَةِ، وَإِلَّا جَازَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَكَذَا حَمْلُ التَّفْسِيرِ وَمَسُّهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُصْحَفًا عُرْفًا. فَقَوْلُهُ: [فَيُصَلِّي] تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ الْمُسْتَفَادِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ. وَيَجُوزُ حَمْلُ الْأَمْتِعَةِ الْمَقْصُودِ حَمْلُهَا وَلَوْ لِكَافِرٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ مُصْحَفًا كَامِلًا] إلَخْ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُغَيَّرْ عَنْ هَيْئَةِ المصحفية، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ تَغْيِيرُهُ عَنْ هَيْئَةِ المصحفية.
[وَكَذَا حَمْلُ التَّفْسِيرِ] إلَخْ: أَيْ فَيَجُوزُ مَسُّهُ وَحَمْلُهُ وَالْمُطَالَعَةُ فِيهِ لِلْمُحْدِثِ وَلَوْ كَانَ جُنُبًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّفْسِيرِ مَعَانِي الْقُرْآنِ لَا تِلَاوَتُهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كُتِبَتْ فِيهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ وَقَصَدَهَا بِالْمَسِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ. لَطِيفَةٌ: قَوْله تَعَالَى: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩] إنْ كَانَ الضَّمِيرُ لِلْقُرْآنِ فَلَا نَاهِيَةَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَفِي جَزْمٍ وَشِبْهِ الْجَزْمِ تَخْيِيرٌ قَفَى.
وَعَلَى بَقَاءِ الْإِدْغَامِ يَجُوزُ الضَّمُّ إتْبَاعًا لِضَمِّ الْهَاءِ. أَوْ أَنَّهُ نَهَى بِصُورَةِ النَّفْيِ. وَلَا يَصِحُّ بَقَاءُ النَّفْيِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِلُّزُومِ الْكَذِبِ لِكَثْرَةِ مَنْ مَسَّ الْقُرْآنَ بِلَا طَهَارَةٍ مِنْ صِبْيَانٍ وَغَيْرِهِمْ، نَعَمْ إنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلَّوْحِ الْمَحْفُوظِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْكِتَابِ الْمَكْنُونِ أَوْ صُحُفِ الْمَلَائِكَةِ، وَأَلْ لِلْجِنْسِ صَحَّ النَّفْيُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمَسُّ ذَلِكَ إلَّا الْمَلَائِكَةُ الْمُطَهَّرُونَ مِنْ الرَّذَائِلِ. (انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى مَجْمُوعِهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute