(إلَّا) أَنْ يَبِيعَهُ رَبُّهُ (مِنْ غَاصِبِهِ) ، فَيَجُوزُ (إنْ عَزَمَ) الْغَاصِبُ (عَلَى رَدِّهِ) لِرَبِّهِ. وَأَوْلَى إنْ رَدَّهُ لَهُ بِالْفِعْلِ. فَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لَهُ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ عَلَى بَيْعِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي غَاصِبٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ. إلَّا أَنَّ الْقَهْرَ لَا يُنْتِجُ عَدَمَ صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ اللُّزُومِ.
(وَصَحَّ بَيْعُ مَرْهُونٍ) لِغَيْرِ رَاهِنِهِ (وَوَقَفَ) إمْضَاؤُهُ (عَلَى رِضَا الْمُرْتَهِنِ) : فَلَهُ إمْضَاؤُهُ وَتَعْجِيلُ دَيْنِهِ وَعَدَمُ الْإِمْضَاءِ. وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الرَّهْنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إنْ عَزَمَ الْغَاصِبُ] : مِثْلُهُ جَهْلُ الْحَالِ عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ وَمَحَلِّ اشْتِرَاطِ الْعَزْمِ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِهِ لِلْمُودِعِ. تَنْبِيهٌ:
قَالَ فِي الـ (مج) : وَإِنْ مَلَّكَ الْغَاصِبُ - بِالتَّشْدِيدِ - كَأَنْ بَاعَ ثُمَّ مَلَكَ - بِالتَّخْفِيفِ - كَأَنْ وَرِثَ أَوْ اشْتَرَى لَا بِقَصْدِ التَّحَلُّلِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي تَمْلِيكِهِ. أَمَّا إنْ قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّحَلُّلِ فَلَا. وَمِنْ فُرُوعِ الْمَقَامِ: شَرِيكُ دَارٍ بَاعَ الْكُلَّ تَعَدِّيًا ثُمَّ مَلَكَ حَظَّ شَرِيكِهِ: يَرْجِعُ فِيهِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ بِالشُّفْعَةِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [وَأَوْلَى إنْ رَدَّهُ لَهُ بِالْفِعْلِ] : أَيْ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَ رَبِّهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي غَاصِبٍ] إلَخْ: وَلِذَلِكَ قُلْنَا إنَّهُ هُوَ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَزْمُ، بِخِلَافِ الْغَاصِبِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: [وَإِنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ اللُّزُومِ] : أَيْ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ مُحْتَرِزَاتِ الصِّحَّةِ بَلْ مِنْ مُحْتَرِزَاتِ اللُّزُومِ فَهُوَ مِنْ مُحْتَرِزَاتِ عَدَمِ الْإِكْرَاءِ.
قَوْلُهُ: [لِغَيْرِ رَاهِنِهِ] صَوَابُهُ لِغَيْرِ مُرْتَهِنِهِ. فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [فَلَهُ إمْضَاؤُهُ وَتَعْجِيلُ دَيْنِهِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ رَدُّ بَيْعِ الرَّهْنِ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ دَيْنَهُ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ ثِقَةٌ بَدَلَ الْأَوَّلِ، أَوْ يَكُونُ الدَّيْنُ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ كَقَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ وَيُعَجَّلُ دَيْنُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute