انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ " لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ كَأَنْ يَبِيعَ النَّفِيسَ بِالثَّمَنِ الْقَلِيلِ إلَخْ (إنْ أَمِنَ كَسْرَهُ) : بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ: (وَنَقْضِهِ) : أَيْ الْعَمُودِ مِنْ مَحَلِّهِ (الْبَائِعُ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ مَا فِيهِ حَقٌّ تَوْفِيَةً. فَإِنْ انْكَسَرَ حَالَ نَقْضِهِ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ. وَقِيلَ: نَقْضُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهُ مِنْهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَحَذَفْنَا قَوْلَهُ إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ] : أَيْ فَإِنَّ الشَّيْخَ ذَكَرَهُ: وَيَتَصَوَّرُ انْتِفَاءَ الْإِضَاعَةِ - عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِهِ - بِكَوْنِ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَى نَحْوِ الْعَمُودِ لَيْسَ كَبِيرَ ثَمَنٍ لَهُ أَوْ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ، أَوْ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي أَضْعَفَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ أَوْ قَدَرَ عَلَى تَعْلِيقٍ عَلَيْهِ. فَإِنْ لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ - عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ - لَا يَجُوزُ، وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الصِّحَّةِ.
قَوْلُهُ: [لَا حَاجَةَ إلَيْهِ] : أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْهَى عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ أَصْلًا. وَقَاسَهُ عَلَى بَيْعِ الْغَبَنِ، وَبَيْعُ الْغَبَنِ جَائِزٌ، وَبَحَثَ فِي تَعْلِيلِهِ بِأَنَّ مَا ضَاعَ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْغَبَنِ يَنْتَفِعُ بِهِ الْآخَرُ. وَفِي الْبِنَاءِ يُنْقَضُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ، فَهُوَ إضَاعَةٌ مَحْضَةٌ وَهُوَ مِنْ الْفَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ وَنَصُّهُ قَالُوا إنَّمَا هَذَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ تَدْعِيمُهُ وَتَعْلِيقُهُ وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ نَزْعُ الْعَمُودِ إلَّا بِهَدْمِهِ لَكَانَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ الَّذِي لَا يَجُوزُ (اهـ. بْن) .
قَوْلُهُ: [بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَهُ] : أَيْ أَوْ تَحَقَّقَ وَمَفْهُومُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ تُحَقِّقُ الْكَسْرَ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ الشَّكَّ فِيهِ فَيُمْنَعُ فِي ثَلَاثٍ وَيَجُوزُ فِي صُورَتَيْنِ فَتَكُونُ الصُّوَرُ خَمْسًا. قَوْلُهُ: [وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ] : أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ. فَهُوَ مِنْ شُرُوطِ الْجَوَازِ فَانْعِدَامُهُ لَا يُنَافِي الصِّحَّةَ.
قَوْلُهُ: [وَنَقْضُهُ] إلَخْ: جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الشُّرُوطِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ نَقْضُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي] : قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: إنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رَجَحَ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي نَقْضِ الْعَمُودِ كَمَا عَلِمْت وَأَمَّا نَقْضُ الْبِنَاءِ الَّذِي حَوْلَهُ فَعَلَى الْبَائِعِ اتِّفَاقًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute