أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (إنْ رُئِيَ) حَالَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى حَالِهِ لِوَقْتِ الْعَقْدِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ، وَلَا عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ يُمْكِنُ فِيهَا التَّغْيِيرُ. وَهَذَا مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الرُّؤْيَةِ فَسَادُ الْمَبِيعِ؛ كَقِلَالِ الْخَلِّ مُطَيَّنَةٍ يُفْسِدُهَا فَتْحُهَا، وَإِلَّا جَازَ. وَيَكْفِي حُضُورُهَا مَجْلِسَ الْعَقْدِ. وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَلَمْ يَكْثُرْ جِدًّا) أَيْ يَكُونُ كَثِيرًا لَا جِدًّا، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا جِدًّا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ حَزْرُهُ، أَوْ قَلَّ جِدًّا بِحَيْثُ يَسْهُلُ عَدُّهُ، لَمْ يَجُزْ جُزَافًا. بِخِلَافِ مَا قَلَّ جِدًّا مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَيَجُوزُ. (وَجَهِلَاهُ) مَعًا: أَيْ جَهِلَا قَدْرَ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ (وَحَزَرَاهُ) أَيْ خَمَّنَا قَدْرَهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّ عَلَى حَالِهِ] إلَخْ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي الْجُزَافِ الْحُضُورُ سَوَاءٌ كَانَ زَرْعًا قَائِمًا أَوْ صُبْرَةَ طَعَامٍ أَوْ غَيْرَهُمَا وَإِنَّمَا يَشْتَرِطُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَارِنَةً لِلْعَقْدِ أَوْ سَابِقَةً عَلَيْهِ. وَهَذَا بِخِلَافِ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ اشْتِرَاطِ حُضُورِ بَيْعِ الْجُزَافِ حِينَ الْعَقْدِ إلَّا الزَّرْعَ الْقَائِمَ وَالثِّمَارَ فِي رُءُوسِ الْأَشْجَارِ فَيُغْتَفَرُ فِيهِمَا عَدَمُ الْحُضُورِ إنْ تَقَدَّمَتْ الرُّؤْيَةُ وَاخْتَارَ (ح) هَذِهِ الطَّرِيقَةَ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَكْثُرُ جِدًّا] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَثُرَ جِدًّا يُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا سَوَاءٌ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا لِتَعَذُّرِ حَزْرِهِ. وَمَا كَثُرَ لَا جِدًّا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا مَكِيلًا كَانَ أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَوْزُونًا لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ. وَأَمَّا مَا قَلَّ جِدًّا فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا إنْ كَانَ مَعْدُودًا؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ لَهُ فِي عِلْمِهِ بِالْعَدِّ، وَيَجُوزُ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا وَلَوْ كَانَ لَا مَشَقَّةَ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ. قَوْلُهُ: [وَجَهِلَاهُ] : أَيْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، بِكَبَيْعِهِ عَدَدًا وَهُمَا يَجْهَلَانِ عَدَدَهُ وَيَعْرِفَانِ وَزْنَهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ لَهُ جِهَتَانِ - كَوَزْنٍ وَعَدَدٍ - وَجُهِلَ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وُجِدَ شَرْطُهُ.
قَوْلُهُ: [وَحَزَرَاهُ] : أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ بِأَنْ اعْتَادَاهُ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ. فَلَوْ وَكَّلَا مَنْ يَحْزِرُهُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَفَى، كَانَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ أَمْ لَا. فَالشَّرْطُ حَزْرُ الْبَيْعِ بِالْفِعْلِ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَانَ الْحَزْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute