(أَوْ) يَبِيعُ (سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) جِنْسًا كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ، أَوْ صِفَةٍ؛ كَرِدَاءٍ وَكِسَاءٍ؛ وَالْمُرَادُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى اللُّزُومِ بِعَشَرَةِ، فَفَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِالْمُثَمَّنِ حَالَ الْعَقْدِ. فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي جَازَ (إلَّا) إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا (بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ) فَقَطْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِيمَا عَدَاهُمَا كَثَوْبٍ جَيِّدٍ وَآخَرَ مِنْ جِنْسِهِ رَدِيءٍ، فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى اللُّزُومِ بِعَشَرَةٍ لِأَنَّ الشَّأْنَ الدُّخُولُ عَلَى أَخْذِ الْجَيِّدِ. (وَلَوْ طَعَامًا) رِبَوِيًّا (إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ) كَإِرْدَبَّيْ قَمْحٍ أَحَدُهُمَا أَجْوَدُ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِدِينَارٍ عَلَى اللُّزُومِ لِأَنَّ الشَّأْنَ اخْتِيَارُ الْأَجْوَدِ (أَوْ الْأَجْوَدُ أَكْثَرُ) مِنْ الرَّدِيءِ فَيَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَهَذَا نَسَبَهُ فَضْلٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ غَيْرُهُ وَاعْتَمَدَ هَذَا الْقَوْلَ، فَقَوْلُ الشَّيْخِ: " لَا طَعَامَ " ضَعِيفٌ وَقَوْلُنَا: " إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ " أَيْ وَالْوَزْنُ فِيمَا يُوزَنُ (و) اتَّحَدَ (الثَّمَنُ) كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، صَرَّحَ بِهِ لِمَزِيدِ الْإِيضَاحِ. (إلَّا أَنْ يَصْحَبَهُمَا) : أَيْ الطَّعَامَيْنِ (أَوْ) يَصْحَبَ (الرَّدِيءُ) مِنْهُمَا (غَيْرَهُ) : أَيْ غَيْرَ الطَّعَامِ مِنْ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ، فَلَا يَجُوزُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي جَازَ] : الْمُنَاسِبُ عَلَى خِيَارِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ هُوَ الْمَوْضُوعُ فَتَارَةً الِاخْتِيَارُ يُجَامِعُ اللُّزُومَ أَوْ السُّكُوتَ وَهُوَ الْمَمْنُوعُ وَتَارَةً يُجَامِعُ الْخِيَارَ وَهُوَ الْجَائِزُ.
قَوْلُهُ: [فَقَوْلُ الشَّيْخِ لَا طَعَامَ] : وَجْهُ مَنْعِ الطَّعَامِ عَلَى مَا قَالَ الشَّيْخُ: أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ شَيْئًا ثُمَّ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَجْوَدَ وَهُوَ تَفَاضُلٌ. وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَرَدُّ هَذَا: بِأَنَّ الشَّأْنَ الدُّخُولُ عَلَى أَخْذِ الْجَيِّدِ فَلَا يَتَأَتَّى لِلْعَاقِلِ انْتِقَالٌ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَصْحَبَهُمَا] إلَخْ: عِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهِمَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُنْتَقِلًا فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ أَوْ بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ لِدُخُولِ الشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَنْعِ، بَيْعُهُ نَخْلَةً مُثْمِرَةً عَلَى اللُّزُومِ لِيَخْتَارَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ نَخْلَاتٍ مُثْمِرَاتٍ مُعَيَّنَاتٍ إلَّا مَنْ بَاعَ بُسْتَانَهُ الْمُثْمِرَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ عَدَدًا يَخْتَارُهُ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرِ كَيْلًا فَأَقَلَّ وَلَا يُنْظَرُ لِعَدَدِ النَّخْلِ وَلَا لَقِيمَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute