يَقْصِدْ الْحَرَامَ، كَمَا أَنَّ مَا أَدَّى إلَى الْجَائِزِ جَائِزٌ كَمَا فِي بَعْضِ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ
وَلِذَا قَالَ:
(يُمْنَعُ) مِنْ الْبُيُوعِ (مَا أَدَّى لِمَمْنُوعٍ يَكْثُرُ قَصْدُهُ) : لِلْمُتَبَايِعَيْنِ وَلَوْ لَمْ يُقْصَدْ بِالْفِعْلِ.
(كَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ) : أَيْ كَبَيْعٍ أَدَّى إلَى ذَلِكَ؛ كَبَيْعِهِ سِلْعَةً بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِخَمْسٍ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ أَقَلَّ فَقَدْ آلَ الْأَمْرُ إلَى رُجُوعِ السِّلْعَةِ لِرَبِّهَا وَقَدْ دَفَعَ قَلِيلًا عَادَ إلَيْهِ كَثِيرًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
ذَلِكَ مِنْ عِلَلِ الْمَنْعِ الْآتِيَةِ.
قَوْلُهُ: [يَكْثُرُ قَصْدُهُ] : أَيْ لَا مَا قَلَّ قَصْدُهُ فَلَا يُمْنَعُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ كَتُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَتُهْمَةِ: أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفْكَ. فَمِثَالُ الْأَوَّلِ: أَنْ يَبِيعَهُ ثَوْبَيْنِ بِدِينَارٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ دُونَهُ أَحَدَهُمَا بِدِينَارٍ، فَيَجُوزُ وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ دَفَعَ لَهُ ثَوْبَيْنِ لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدَهُمَا وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ عِنْدَهُ بِالْآخَرِ لِضَعْفِ تُهْمَةِ ذَلِكَ وَلِقِلَّةِ قَصْدِ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا صَرِيحُ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الضَّمَانَ وَالْجَاهَ وَالْقَرْضَ لَا يُفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ. وَمِثَالُ الثَّانِي: أَنْ تَبِيعَهُ ثَوْبًا بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ تَشْتَرِيهِ مِنْهُ بِدِينَارٍ نَقْدًا أَوْ دِينَارٍ إلَى شَهْرَيْنِ، فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّهُ دَفَعَ الْآنَ دِينَارًا سَلَفًا لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ دِينَارَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا عَنْ دِينَارِهِ، وَالثَّانِي: سَلَفٌ مِنْهُ يَدْفَعُ لَهُ مُقَابِلَهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ الثَّانِي، فَلَا يُمْنَعُ أَيْضًا لِضَعْفِ التُّهْمَةِ. لِأَنَّ النَّاسَ فِي الْغَالِبِ لَا يَقْصِدُونَ إلَى السَّلَفِ لَا نَاجِزًا لِأَبْعَدَ مُدَّةٍ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْفِعْلِ] : فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى فَاعِلِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْأَمْرَ الْمَمْنُوعَ.
قَوْلُهُ: [كَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ] : أَدْخَلَتْ الْكَافُ بَاقِيَ الْعِلَلِ الْمُحَرَّمَةِ. قَوْلُهُ: [أَيْ كَبَيْعٍ أَدَّى إلَى ذَلِكَ] : أَيْ فَفِي الظَّاهِرِ جَائِزٌ وَبِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ حَرَامٌ. قَوْلُهُ: [بِخَمْسَةٍ نَقْدًا] إلَخْ: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي النَّهْيِ مَا إذَا اشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ كَمَا يَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute