لِلسَّلَامَةِ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، فَلَوْ سَكَتَا عَنْ شَرْطِهِمَا بَقِيَ الْمَنْعُ عَلَى أَصْلِهِ.
(وَمُنِعَ) الْبَيْعُ (بِذَهَبٍ) مُؤَجَّلٍ (وَ) شِرَاؤُهَا (بِفِضَّةٍ) وَعَكْسُهُ فِي الصُّوَرِ الِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ - تَقَدَّمَتْ الْفِضَّةُ عَلَى الذَّهَبِ أَوْ تَأَخَّرَتْ - فَقَدْ صَارَتْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ صُورَةً (لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ) : أَيْ تُهْمَةُ ذَلِكَ.
(وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ تُهْمَةَ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ تُوجِبُ الْمَنْعَ لَوْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ كَمَا (لَوْ عَجَّلَ) مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ (أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا) بِأَنْ تَبْلُغَ الْكَثْرَةُ النِّصْفَ فَأَكْثَرَ - كَبَيْعِ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِسِتِّينَ دِرْهَمًا نَقْدًا وَصَرَفَ الدِّينَارَ عَشْرَةً. (جَازَ) لِنَفْيِ التُّهْمَةِ إذْ الْعَاقِلُ لَا يُعَجِّلُ سِتِّينَ لِيَأْخُذَ مَا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ أَوْ عِشْرُونَ إلَّا لِقَصْدِ الْمَعْرُوفِ. وَكَذَا إذَا بَاعَهُ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِسِتَّةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا فَأَكْثَرَ.
(وَ) مُنِعَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ (بِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ) فِيهِمَا، وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ الْأَجَلُ أَوْ اخْتَلَفَ - كَبَيْعِهِ بِعَشْرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِمُحَمَّدِيَّةٍ لِذَلِكَ الشَّهْرِ أَوْ دُونَهُ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ (لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) تَسَاوَى الْعَدَدُ أَوْ اخْتَلَفَ. وَلَا يُمْكِنُ هُنَا شَرْطُ الْمُقَاصَّةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بَقِيَ الْمَنْعُ عَلَى أَصْلِهِ] : أَيْ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الَّتِي أَصْلُهَا الْمَنْعُ وَاَلَّتِي أَصْلُهَا الْجَوَازُ فَاَلَّتِي أَصْلُهَا الْجَوَازُ لَا يُفْسِدُهَا إلَّا شَرْطُ نَفْيِ الْمُقَاصَّةِ لَا السُّكُوتُ فَإِنَّ التُّهْمَةَ فِيهَا ضَعِيفَةٌ فَإِذَا شُرِطَ نَفْيُهَا تَحَقَّقَتْ التُّهْمَةُ، وَأَمَّا مَا أَصْلُهَا الْمَنْعُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا شَرَطَاهَا لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِيهَا قَوِيَّةٌ فَإِذَا شَرَطَاهَا بَعُدَتْ وَالسُّكُوتُ عَنْهَا لَا يَنْفِي الْمَنْعَ.
قَوْلُهُ: [فِي الصُّوَرِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ] : حَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا بَاعَ فِضَّةً لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِذَهَبٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ قِيمَةَ الْفِضَّةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَمِثْلُهَا يُقَالُ فِيمَا إذَا بَاعَ أَوَّلًا بِذَهَبٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِفِضَّةٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِتُهْمَةِ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَلِذَا لَوْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ جَازَ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ وَلِذَا لَوْ عَجَّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا جَازَ.
قَوْلُهُ: [أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ] : الْعِبْرَةُ بِالْكَثْرَةِ بِاعْتِبَارِ صَرْفِ الْمِثْلِ لَا بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ لِأَنَّ الْقِلَّةَ وَالْمُسَاوَاةَ وَالْكَثْرَةَ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ إنَّمَا تَتَأَتَّى فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute