النَّقْدُ فِيهِ مُطْلَقًا، إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِيهِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ، وَمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا يَتَرَتَّبُ فِي الذِّمَّةِ. فَقَالَ: (وَمُنِعَ) النَّقْدُ - (وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ - فِي كُلِّ مَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ) : هَذَا إشَارَةٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا. وَمَثَّلَ لَهَا بِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرَهُ فَقَالَ: (كَمُوَاضَعَةٍ) بِيعَتْ بِخِيَارٍ. (وَ) بَيْعِ شَيْءٍ (غَائِبٍ) عَلَى الْخِيَارِ.
(وَكِرَاءٍ) لِشَيْءٍ كَدَارٍ أَوْ دَابَّةٍ كِرَاءً مَضْمُونًا أَوْ غَيْرَ مَضْمُونٍ بِخِيَارٍ، فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: " ضَمِنَ "؛ فَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِيَرْكَبَهَا أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا بِخِيَارٍ لَمْ يَجُزْ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهِ مُطْلَقًا بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ فِي الْكِرَاءِ
ــ
[حاشية الصاوي]
تَكُونُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَلَا تَدْخُلُ فِي أَيَّامِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِهَا فَائِدَةٌ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: [إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ] : أَيْ وَهُوَ الْمِثْلِيُّ مَكِيلًا كَانَ أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا بِأَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ ثَمَنَ أَمَةٍ تَتَوَاضَعُ أَوْ ثَمَنَ الْغَائِبِ أَوْ أُجْرَةَ الْكِرَاءِ أَوْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَيَكُونُ الْعَقْدُ عَلَى الْخِيَارِ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ] : أَيْ وَهُوَ هُنَا الثَّمَنُ الَّذِي قَبَضَهُ الْبَائِعُ وَصَارَ فِي ذِمَّتِهِ وَالْمُؤَخَّرُ هُوَ الْمَبِيعُ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ. قَوْلُهُ: [كَمُوَاضَعَةٍ بِيعَتْ بِخِيَارٍ] : يَعْنِي أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً بِخِيَارٍ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَلَوْ تَطَوُّعًا حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، بَيَانُهُ: أَنَّ الْبَيْعَ إذَا تَمَّ بِانْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ. وَمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُوَاضَعَةِ يُقَالُ فِي بَاقِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ. قَوْلُهُ: [وَبَيْعِ شَيْءٍ غَائِبٍ] : ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ.
قَوْلُهُ: [لَمْ يَجُزْ نَقْدُ الْأُجْرَةِ] إلَخْ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute