(وَلَوْ اشْتَرَى) شَخْصٌ (أَحَدَ) سِلْعَتَيْنِ (كَثَوْبَيْنِ، وَقَبَضَهُمَا) مِنْ الْبَائِعِ لِيَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَيَرُدَّ الْآخَرَ (فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا) مَعًا (ضَمِنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَقَطْ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْآخَرِ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ (بِالثَّمَنِ) الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ سَوَاءٌ (كَانَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِخِيَارٍ أَوْ لَا) بِأَنْ كَانَ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ وَقِيلَ: الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْأَوَّلِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِيمَا يَخْتَارُهُ عَلَى الْبَتِّ - لَاشْتَرَكَا فِيهِمَا - وَلَزِمَهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
تَنْبِيهَانِ:
الْأَوَّلُ: لَوْ غَابَ الْبَائِعُ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ وَادَّعَى التَّلَفَ وَالضَّيَاعَ - وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ، مُشْتَرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ - فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ. وَمَعْنَى ضَمَانِهِ رَدُّهُ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَبَضَهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ - كَذَا فِي الْأَصْلِ.
الثَّانِي: اشْتَرَيَا دَابَّتَيْنِ خِيَارًا ادَّعَى كُلٌّ التَّلَفَ وَقَالَ أَهْلُ الْمَوْضِعِ: إنَّمَا تَلِفَتْ وَاحِدَةٌ، فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَيْنِ: بَرَاءَتُهُمَا لِصِدْقِ أَحَدِهِمَا قَطْعًا وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي بِالشَّكِّ، وَضَمَانُ كُلٍّ نِصْفَ دَابَّتِهِ وَصَوَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِهِ كَمَا فِي الـ (مج) .
قَوْلُهُ: [وَلَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ أَحَدَ سِلْعَتَيْنِ] : لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاخْتِيَارِ الْمُجَامِعِ لِلْخِيَارِ وَالْمُنْفَرِدِ عَنْهُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ: بَيْعُ خِيَارٍ فَقَطْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَبَيْعُ اخْتِيَارٍ فَقَطْ، وَبَيْعُ خِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيهِمَا. وَفِي كُلٍّ مِنْهَا؛ إنْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ مَثَلًا: إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ ضَيَاعَهُمَا مَعًا أَوْ ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا، أَوْ تَمْضِيَ الْمُدَّةُ مَعَ بَقَائِهِمَا وَلَمْ يَخْتَرْ؛ فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ يُعْلَمُ تَفْصِيلُهَا مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِنْ هُنَا.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الثَّوْبَيْنِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ فَقَطْ كِلَاهُمَا مَبِيعٌ فَيَضْمَنُهُمَا ضَمَانَ الرِّهَانِ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا أَوْ ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا. فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ لَزِمَاهُ مَعًا؛ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ، وَفِي الِاخْتِيَارِ فَقَطْ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا أَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ لَزِمَهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَيَغْرَمُ نِصْفَ ثَمَنِ أَحَدِهِمَا وَنِصْفَ قِيمَةِ الْآخَرِ. فَهَذِهِ ثَلَاثٌ أَيْضًا. وَفِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا مَعًا ضَمِنَ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ فَقَطْ ضَمِنَ نِصْفَهُ وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي. وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَخْتَرْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ فَهَذَا ثَلَاثٌ أَيْضًا فَلْتَحْفَظْ تِلْكَ الصُّوَرَ التِّسْعَ
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ] : هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمَا سَيَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute