فَقَطْ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ رُبَّمَا عَلِمَ سَلَامَتَهُ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ فَيَظُنُّ سَلَامَتَهُ مِنْ الْآخَرِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ أَجْمَلَ (فَمُدَلِّسٌ) وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ بِمَا وَجَدَهُ فِيهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ كَثُرَ فِي بَرَاءَتِهِ ذِكْرُ أَسْمَاءِ الْعُيُوبِ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا مِنْ عَيْبٍ يُرِيهِ إيَّاهُ وَيُوقِفُهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ إنْ شَاءَ (اهـ) .
(وَلَا يَنْفَعُهُ) : أَيْ الْبَائِعُ (التَّبَرِّي مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ) فِي سِلْعَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ، فَإِنْ بَاعَ سِلْعَةً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَ بِهَا عَيْبٌ وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ لَمْ تُرَدَّ عَلَيْهِ لَمْ يُعْمَلْ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِمَا وَجَدَهُ فِيهَا مِنْ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَلَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ. (إلَّا فِي الرَّقِيقِ خَاصَّةً) إذَا تَبَرَّأَ بَائِعُهُ مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ فَلَا يَرُدُّ إنْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ عِنْدَ الْبَائِعِ، بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ أَلَّا يَعْلَمُ الْبَائِعُ بِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَا يَنْفَعُهُ التَّبَرِّي مِنْهُ إلَّا إذَا بَيَّنَهُ تَفْصِيلًا أَوْ
ــ
[حاشية الصاوي]
تَنْبِيهٌ: إذَا أَجْمَلَ فِي قَوْلِهِ: " سَارِقٌ "، فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي يَسِيرِ السَّرِقَةِ دُونَ الْمُتَفَاحِشِ مِنْهَا أَوْ لَا يَنْفَعُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ بَيَانَهُ مُجْمَلًا كَلَا بَيَانٍ. الْأَوَّلُ لِلْبِسَاطِيِّ: وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: لِبَعْضِ مُعَاصِرِيهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَنْفَعُهُ] : أَيْ الْبَائِعَ التَّبَرِّي أَيْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ حَاكِمٍ وَوَارِثٍ. وَأَمَّا الْحَاكِمُ وَالْوَارِثُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ، بَلْ مَتَى بَاعَ الْحَاكِمُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ فَبَيْعُهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ لَا تُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فِي الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ وَالْوَارِثَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا عَالِمًا بِأَنَّ الْبَائِعَ حَاكِمٌ أَوْ وَارِثٌ وَإِلَّا فَيُخَيَّرُ إنْ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [إلَّا فِي الرَّقِيقِ خَاصَّةً] : قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيُّ: لَا يَجُوزُ التَّبَرِّي فِي عَبْدِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَفَهُ عَبْدًا وَتَبَرَّأَ مِنْ عُيُوبِهِ دَخَلَهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً. وَأَمَّا رَدُّ الْقَرْضِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ الْبَرَاءَةِ فِيهِ، إلَّا إذَا وَقَعَ الرَّدُّ قَبْلَ الْأَجَلِ لِتُهْمَةٍ: " ضَعْ وَتَعَجَّلْ "، وَتَقَدَّمَ مَنْعُ التَّصْدِيقِ فِي مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلٍ (اهـ - بْن) .
قَوْلُهُ: [أَلَّا يَعْلَمَ الْبَائِعُ بِهِ] : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا يُرَدُّ فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ عَالِمًا بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْبَائِعُ مَا كَانَ عَالِمًا بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُبْتَاعُ عِلْمَهُ وَفِي حَلِفِهِ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مُطْلَقًا قَوْلَا ابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْفُخَّارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute