(وَلَا) رَدَّ (عَلَى حَاكِمٍ وَ) لَا عَلَى (وَارِثٍ بُيِّنَ) بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ: أَيْ ظَهَرَ لِلْمُشْتَرِي حَالَ الشِّرَاءِ أَنَّ بَائِعَهُ حَاكِمٌ أَوْ وَارِثٌ، كَانَ الْبَيَانُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَكَانَ لَهُ الرَّدُّ. وَقَوْلُهُ: (رَقِيقًا فَقَطْ) مَعْمُولٌ لِرَدِّ الْمِقْدَارِ بَعْدَ لَا النَّافِيَةِ (بِيعَ لِكَدَيْنٍ) عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ أَوْ الْمُفْلِسِ. وَمِثْلُ الدَّيْنِ: نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَطْفَالِ، فَقَوْلُهُ: " بُيِّنَ " رَاجِعٌ لَهُمَا، فَهُوَ مِنْ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ. وَقِيلَ: الْبَيَانُ شَرْطٌ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ وَمِثْلُهُمَا الْوَصِيُّ. وَشَرْطُ كَوْنِ بَيْعِ مَنْ ذَكَرَ مَانِعًا مِنْ رَدِّ الرَّقِيقِ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ وَيَكْتُمْهُ. كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
بَاعَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ أَقُلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَسَوَاءٌ بَاعَهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ قَبْلَهُ. وَهَذَا التَّعْمِيمُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِلَّةُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهَا مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ - كَأَنْ يَبِيعَهُ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ ظَانًّا أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ عِنْدَهُ - فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ: وَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَعِيَاضٌ، قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلْيُفْهَمْ.
قَوْلُهُ: [بُيِّنَ] : إنَّمَا بَنَاهُ لِلْمَجْهُولِ لِأَجْلِ التَّعْمِيمِ. الَّذِي قَالَهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: [مَعْمُولٌ لِرَدِّ الْمُقَدَّرِ] : فِيهِ رِكَّةٌ لَا تَخْفَى فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدِّرَ الْوَاقِعَ بَعْدَ " لَا " فِعْلًا مُضَارِعًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَيَذْكُرَ فَاعِلَهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَيَجْعَلَ رَقِيقًا مَعْمُولًا لَهُ، فَيَصِيرَ السِّيَاقُ هَكَذَا: وَلَا يَرُدُّ مُشْتَرٍ عَلَى حَاكِمٍ وَلَا عَلَى وَارِثٍ بُيِّنَ رَقِيقًا فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [مِثْلُ الدَّيْنِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ] إلَخْ: خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا يَكُونُ بَيْعُ الْوَارِثِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ إلَّا إذَا كَانَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ الْبَيَانُ شَرْطٌ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ] : هَذَا ضَعِيفٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ بَيْعِ الْحَاكِمِ مَا إذَا بَاعَ عَبْدًا مُسْلِمًا عَلَى مَالِكِهِ الْكَافِرِ فَلَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: " وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ ". وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute