للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِئْمَانِ وَالِاسْتِرْسَالِ، وَأَضْيَقُهَا عِنْدَهُمْ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ قَلَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْبَائِعُ عَلَى وَجْهِهَا.

وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ (وَلَوْ عَلَى عِوَضٍ مَضْمُونٍ) : أَيْ مَوْصُوفٍ نَقَدَهُ فِي سِلْعَةٍ وَأَوْلَى مُقَوَّمٍ مُعَيَّنٍ فَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِحَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَنَقَدَهُ فِيهَا جَازَ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى مَا نَقَدَ لَا عَلَى قِيمَتِهِ إذَا وَصَفَهُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ؛ فَقَوْلُنَا: " مَضْمُونٍ ": أَيْ مَوْصُوفٍ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ، فَأَوْلَى أَنْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا: كَهَذَا الثَّوْبُ. وَقَوْلُ الشَّيْخِ: " مُقَوَّمٌ " صَادِقٌ بِهِمَا. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ نَقَدَ فِيهَا الْعِوَضَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ إذْ مَا لَمْ يَبْرُزْ فِي الْخَارِجِ لَا تَصِحُّ مُرَابَحَةٌ عَلَيْهِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَالِاسْتِرْسَالُ] : عَطْفٌ مُرَادِفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْمُسَاوَمَةُ أَحَبَّ لِمَا فِي الْمُزَايَدَةِ مِنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ الْأَخِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَلِمَا فِي الِاسْتِئْمَانِ مِنْ الْجَهْلِ وَالْخَطَرِ وَلِتَوَقُّفِ الْمُرَابَحَةِ عَلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ.

قَوْلُهُ: [وَلَوْ عَلَى عِوَضٍ] : صَوَابُهُ مُقَوَّمٌ كَمَا قَالَ خَلِيلٌ؛ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ مُرَابَحَةً عَيْنًا بَلْ وَلَوْ كَانَ عَلَى مُقَوَّمٍ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى أَشْهَبَ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: [وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ] : أَيْ إذَا كَانَ الْمُقَوَّمُ الْمَوْصُوفُ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُرَابَحَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَمِ الْحَالِّ، لِأَنَّ دُخُولَ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ لَهُ الْمُقَوَّمُ الْمَوْصُوفُ الْآنَ هُوَ عَيْنُ السَّلَمِ الْحَالِّ، وَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَنَا: وَاخْتُلِفَ: هَلْ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجَوِّزُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ؟ فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْهَبَ خِلَافٌ، أَوْ يَمْنَعُهَا فَيَكُونُ مُوَافِقًا؟ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي مُقَوَّمٍ مَضْمُونٍ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَإِلَّا لَمُنِعَ اتِّفَاقًا كَمَا يَتَّفِقَانِ عَلَى الْمَنْعِ فِي مُقَوَّمٍ مُعَيَّنٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لِشِدَّةِ الْغَرَرِ، وَأَمَّا مَضْمُونٌ أَوْ مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِهِ فَيَتَّفِقَانِ عَلَى جَوَازِهِ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ: الْأُولَى: مُقَوَّمٌ مَضْمُونٌ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ. وَالثَّانِيَةُ: مِثْلُهَا لَكِنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ. وَالثَّالِثَةُ: مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. وَالرَّابِعَةُ: مَضْمُونٌ فِي مِلْكِهِ. وَالْخَامِسَةُ: مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِهِ.

قَوْلُهُ: [وَالْمُرَادُ أَنَّهُ نَقَدَ فِيهَا الْعِوَضَ] : يَعْنِي أَنَّ بَائِعَ الْمُرَابَحَةِ نَقَدَ الْعِوَضَ الَّذِي يَبِيعُ عَلَيْهِ مُرَابَحَةً لِمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>