شَهِدَ لَهُ الْعُرْفُ، كَالْجَزَّارِ وَبَائِعِ الْأَبْزَارِ فَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ اللَّحْمَ وَلَا يُعْطِي الْأَبْزَارَ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ الثَّمَنِ، فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ أَنْ أَعْطَاهُ اللَّحْمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ أَقْبَضَهُ إيَّاهُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُرْفَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ.
(وَمِنْهُ) : أَيْ مِنْ الْعُرْفِ الَّذِي يُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ: (طُولُ الزَّمَنِ) : فَإِذَا مَضَى زَمَنٌ يَقْضِي الْعُرْفُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَصْبِرُ لِمِثْلِهِ فِي أَخْذِ السِّلْعَةِ أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَصْبِرُ لِمِثْلِهِ فِي أَخْذِ الثَّمَنِ، فَالْقَوْلُ لِخَصْمِهِ فِي الْإِقْبَاضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِعَامَيْنِ وَلَا بِأَكْثَرَ بَلْ يُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَحْوَالُ النَّاسِ وَأَحْوَالُ الزَّمَنِ.
(وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِبَقَاءِ الثَّمَنِ) فِي ذِمَّتِهِ بِأَنْ قَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِي (مُقْتَضٍ) عُرْفًا (لِقَبْضِ الْمُثْمَنِ) فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَكَانَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (تَحْلِيفُ الْبَائِعِ إنْ قَرُبَ) الزَّمَنُ (مِنْ) يَوْمِ (الْإِشْهَادِ، كَالْعَشَرَةِ) الْأَيَّامِ (لَا الشَّهْرِ) فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ بَلْ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ إنَّهُ أَقْبَضَهُ السِّلْعَةَ بِلَا يَمِينٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ وَافَقَهُ الْعُرْفُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ كَالشَّاهِدِ.
قَوْلُهُ: [طُولُ الزَّمَنِ] : قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَدْخُلُ فِي الْعُرْفِ طُولُ الزَّمَنِ فِي الْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ طُولًا يَقْضِي الْعُرْفُ بِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَصْبِرُ بِالثَّمَنِ إلَى مِثْلِهِ وَذَلِكَ عَامَانِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَعِشْرُونَ عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْأَظْهَرُ مُرَاعَاةُ أَحْوَالِ النَّاسِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِبَقَاءِ الثَّمَنِ] إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَشْهَدَ بِأَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّ هَذَا مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ السِّلْعَةَ، فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ لَمْ يَقْبِضْهَا لَمْ يُقْبَلْ. وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ أَنَّهُ أَقَبْضَهَا لَهُ إنْ بَادَرَ.
قَوْلُهُ: [وَكَانَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ] : أَيْ بِيَمِينٍ إنْ قَرُبَ كَالْعَشَرَةِ لَا الشَّهْرِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ قَوْلُهُ: [كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ لَا الشَّهْرِ] : قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَانْظُرْ حُكْمَ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالشَّهْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ كُلًّا يُعْطَى حُكْمَ كُلٍّ وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ (اهـ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute