كَعَكْسِهِ فِي مَحَلِّ الْوُضُوءِ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ. فَيُصَلِّي بِذَلِكَ الْغُسْلِ مَا لَمْ يَحْصُلْ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ مِنْ حَدَثٍ كَرِيحٍ، أَوْ سَبَبٍ كَمَسِّ ذَكَرٍ بَعْدَهُ - أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ - أَوْ بَعْضِهِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْغُسْلِ. فَإِنْ حَصَلَ نَاقِضٌ أَعَادَ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ:
(وَإِلَّا أَعَادَهُ مَرَّةً بِنِيَّتِهِ) : أَيْ الْوُضُوءَ. وَأَمَّا حُصُولُهُ بَعْدَ تَمَامِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ يُعِيدُهُ بِنِيَّتِهِ اتِّفَاقًا مَعَ التَّثْلِيثِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(وَالْوُضُوءُ عَنْ مَحَلِّهِ وَلَوْ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ) : أَيْ وَيُجْزِئُ الْوُضُوءُ عَنْ مَحَلِّ الْوُضُوءِ؛ يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ ثُمَّ تَمَّمَ الْغُسْلَ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَكْبَرِ أَوْ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ غَسْلُ مَحَلِّ الْوُضُوءِ عَنْ غَسْلِهِ فِي الْغُسْلِ، فَلَا يُعِيدُ غَسْلَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فِي غُسْلِهِ، وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ جَنَابَةً حَالَ وُضُوئِهِ. فَإِذَا تَذَكَّرَ - وَلَوْ بَعْدَ
ــ
[حاشية الصاوي]
الْوُضُوءِ؛ فَلَوْ اغْتَسَلَ وَلَمْ يَبْدَأْ بِالْوُضُوءِ وَلَا خَتَمَ بِهِ لَأَجْزَأَهُ غُسْلُهُ عَنْ الْوُضُوءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ. هَذَا إنْ لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ غَسْلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِأَنْ لَمْ يُحْدِثْ أَصْلًا أَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ غَسْلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ. وَأَمَّا إنْ أَحْدَثَ بَعْدَ غَسْلِ شَيْءٍ مِنْهُ، فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ فَهُوَ كَمُحْدِثٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجَدِّدَ وُضُوءَهُ بِنِيَّةٍ اتِّفَاقًا. وَإِنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ غُسْلِهِ - فَهَذَا إنْ لَمْ يَرْجِعْ فَيَغْسِلُ مَا غَسَلَ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ - فَإِنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ. وَهَلْ يَفْتَقِرُ هَذَا فِي غَسْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ لِنِيَّةٍ، أَوْ تُجْزِئُهُ نِيَّةُ الْغُسْلِ عَنْ ذَلِكَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ. فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ، وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ.
قَوْلُهُ: [بِنِيَّتِهِ أَيْ الْوُضُوءِ] : أَيْ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْقَابِسِيِّ فَلَا يَفْتَقِرُ لَهَا.
قَوْلُهُ: [اتِّفَاقًا] : أَيْ مِنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالْقَابِسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ.
قَوْلُهُ: [وَالْوُضُوءُ عَنْ مَحَلِّهِ] : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَكْسُ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ الَّتِي وَعَدَ بِهَا. لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَةَ أَجْزَأَ فِيهَا غُسْلُ الْجَنَابَةِ عَنْ الْوُضُوءِ، وَهَذِهِ أَجْزَأَ فِيهَا غُسْلُ الْوُضُوءِ عَلَى بَعْضِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا] إلَخْ: دَفَعَ بِهِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ نِيَّةَ الْأَصْغَرِ لَا تَنُوبُ عَنْ الْأَكْبَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute