(وَكَجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي) جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ (غَيْرِهِ) مِنْ الْقِصَارِ الرِّقَاقِ، فَيَجُوزُ. وَظَاهِرٌ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ (وَسَيْفٍ قَاطِعٍ) لِجُودَةِ جَوْهَرِيَّتِهِ يَجُوزُ سَلَمُهُ (فِي أَكْثَرَ دُونَهُ) فِي الْقَطْعِ وَالْجُودَةِ (وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ) صَنْعَةً شَرْعِيَّةً كَالصَّيْدِ فَيُسَلَّمُ فِي غَيْرِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
بِالْعَمَلِ وَالتَّجْرِ، وَهُوَ عِنْدِي بُلُوغُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ الِاحْتِلَامُ.
قَوْلُهُ: [أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ] أَيْ الطُّولُ وَالْغِلَظُ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ مَا يُسْلَمُ فِيهِ وَالْوَاجِبُ لَهُ لَكِنْ قَدْ مَرَّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ، وَهُمَا: هَلْ يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا أَسْلَمَ بَعْضُ أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَنْفَعَةَ فِي بَعْضٍ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَدُّدُ؟ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَرْجَحَ عَدَمُهُ. وَقَالَ فِي الْحَاشِيَةِ أَيْضًا: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْغِلَظَ كَافٍ، وَأَمَّا الطُّولُ وَحْدَهُ فَلَا يَكْفِي وَالْفَرْقُ تَيَسُّرُ قَطْعِ الطَّوِيلِ فَالْمَنْفَعَةُ فِيهِ مُتَقَارِبَةٌ بِخِلَافِ الْغَلِيظِ فِي رَقِيقَيْنِ فَإِنَّ فِي نَشْرِهِ كُلْفَةً.
قَوْلُهُ: [خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ] : أَيْ فَيَكْفِي عِنْدَهُ أَحَدُ الْوَصْفَيْنِ. وَاعْتُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ: بِأَنَّ الْكَبِيرَ قَدْ يُصْنَعُ مِنْهُ صِغَارٌ فَيُؤَدِّي إلَى سَلَمِ الشَّيْءِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَهُوَ مُزَابَنَةٌ؟ وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِذْعِ الْمَخْلُوقِ لَا الْمَنْجُورِ الْمَنْحُوتِ، فَإِنَّهُ يُسَمَّى جَائِزَةً لَا جِذْعًا، فَالْكَبِيرُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ جُذُوعٌ بَلْ جَوَائِزُ، وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كَبِيرٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ الصَّغِيرُ إلَّا بِفَسَادٍ وَهُوَ لَا يَقْصِدُهُ الْعُقَلَاءُ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَبِيرِ مَا لَيْسَ مِنْ نَوْعِ الصَّغِيرِ كَنَخْلٍ فِي صَنَوْبَرٍ، وَهَذَا الْأَخِيرُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخَشَبَ أَجْنَاسٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ.
قَوْلُهُ: [دُونَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْدَةِ] : أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ دُونَهُ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّبَاعُدِ. فَإِنْ اسْتَوَيَا مَعًا فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْدَةِ مُنِعَ اتِّفَاقًا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقَابِلُ مُتَعَدِّدًا وَجَازَ فِي الْمُتَّحَدِ لِأَنَّ الشَّيْءَ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ - وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْقَرْضِ هُنَا - لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رِبَا فَضْلٍ وَلَا نَسِيئَةٍ. وَظَاهِرُ شَارِحِنَا اشْتِرَاطُ التَّعَدُّدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُهُ.
قَوْلُهُ: [كَالصَّيْدِ] : أَيْ وَكَتَوْصِيلِ الْكُتُبِ، وَاحْتُرِزَ بِالشَّرْعِيَّةِ مِنْ غَيْرِهَا كَتَعْلِيمِهِ الْكَلَامَ وَالصِّيَاحَ، فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَنْفَعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute