أَنْتَ الَّذِي تَصْطَنِعُهُ بِنَفْسِك أَوْ يَصْنَعُهُ زَيْدٌ بِنَفْسِهِ، أَوْ تَصْنَعُهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيدِ بِعَيْنِهِ، أَوْ مِنْ هَذَا الْغَزْلِ أَوْ مِنْ هَذَا الْخَشَبِ بِعَيْنِهِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ مُعَيَّنًا لَا فِي الذِّمَّةِ وَشَرْطُ صِحَّةِ السَّلَمِ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ.
(وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولُ مِنْهُ) : كَأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْحَدِيدَ أَوْ الْغَزْلَ أَوْ الْخَشَبَ وَنَحْوَ ذَلِكَ (وَاسْتَأْجَرَهُ) عَلَى عَمَلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (جَازَ إنْ شَرَعَ) الْعَامِلُ فِي الْعَمَلِ فِيمَا دُونَ نِصْفِ شَهْرٍ عَيَّنَ الْعَامِلَ أَمْ لَا (كَشِرَاءِ نَحْوِ تَوْرٍ) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ: إنَاءٌ يُشْبِهُ الطَّشْتَ، يَعْنِي: أَنَّ مَنْ وَجَدَ صَانِعًا شَرَعَ فِي تَوْرٍ أَوْ طَشْتٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ جُزَافًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ (لِيُكَمِّلَ) أَيْ عَلَى أَنْ يُكَمِّلَهُ لَهُ جَازَ وَدَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي ضَمَانَ الصُّنَّاعِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْوَزْنِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ. وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ شَرَعَ بَائِعُهُ فِي الْكَيْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ وَهَذَا. (بِخِلَافِ) شِرَاءِ (ثَوْبٍ لِيَكْمُلَ) : فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ كَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ - إنْ خَرَجَ عَلَى خِلَافِ الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
يَجُزْ وَإِنْ نَقَدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسَلِّمُ ذَلِكَ الرَّجُلَ أَمْ لَا فَذَلِكَ غَرَرٌ (اهـ) وَعَلَى هَذَا دَرَجَ ابْنِ رُشْدٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ إذَا عَيَّنَ الْعَامِلَ فَقَطْ لِقَوْلِهِمْ: مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا عَلَى أَنَّ الْجِصَّ وَالْآجُرَّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ جَازَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ. وَحَيْثُ قُلْتُمْ بِفَسَادِهِ بِتَعْيِينِ الْعَامِلِ أَوْ الْمَعْمُولِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى تَعْيِينُهُمَا مَعًا، وَعِلَّةُ الْفَسَادِ فِي تَعْيِينِ الْعَامِلِ دَوَرَانُ الثَّمَنِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَفِي تَعْيِينِ الْمَعْمُولِ أَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ بَلْ فِي الذِّمَّةِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولُ مِنْهُ] إلَخْ: الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْعَقْدَ فِيمَا قَبْلَهَا وَقَعَ عَلَى الْمَصْنُوعِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَهَذِهِ وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا عَلَى الْمَعْمُولِ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ مَلَكَهُ ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ عَلَى عَمَلِهِ فَلِذَلِكَ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا بِشَرْطِهِ عَيَّنَ الْعَامِلُ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي] إلَخْ: صَوَابُهُ: الْبَائِعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute