للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: فِي التَّيَمُّمِ (إنَّمَا يُتَيَمَّمُ لِفَقْدِ مَاءٍ كَافٍ بِسَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ، أَوْ قُدْرَةٍ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ) : اعْلَمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا لِأَحَدِ أَشْخَاصٍ سَبْعَةٍ:

الْأَوَّلُ: فَاقِدُ الْمَاءِ الْكَافِي لِلْوُضُوءِ أَوْ لِلْغُسْلِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً أَصْلًا أَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ.

الثَّانِي: فَاقِدُ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، أَيْ مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُكْرَهِ وَالْمَرْبُوطِ بِقُرْبِ الْمَاءِ وَالْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ لِصٍّ، فَيَتَيَمَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَلَوْ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ، خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ مِنْ -

ــ

[حاشية الصاوي]

فَصْلٌ

قَوْلُهُ: [إنَّمَا يُتَيَمَّمُ] إلَخْ: التَّيَمُّمُ لُغَةً الْقَصْدُ، وَشَرْعًا: طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِنِيَّةٍ. وَالْمُرَادُ بِالتُّرَابِ: جِنْسُ الْأَرْضِ، فَيَشْمَلُ جَمِيعَ أَجْزَائِهَا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ، كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ اتِّفَاقًا، بَلْ إجْمَاعًا. وَهَلْ هُوَ عَزِيمَةٌ أَوْ رُخْصَةٌ؟ أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ عَزِيمَةٌ وَلِلْمَرَضِ وَنَحْوِهِ رُخْصَةٌ؟ خِلَافٌ.

قَوْلُهُ: [لِفَقْدِ مَاءٍ] : شُرُوعٌ مِنْهُ فِي أَسْبَابِ التَّيَمُّمِ، وَتُسَمَّى مُوجِبَاتُهُ، وَعَدَّهَا الشَّارِحُ هُنَا سَبْعَةً. وَإِنْ كَانَ يَأْتِي يَقُولُ: بَلْ إذَا تَحَقَّقْتَ تَجِدُ الْأَقْسَامَ تَرْجِعُ إلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ فَاقِدُ الْمَاءِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، الثَّانِي فَاقِدُ الْقُدْرَةِ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: [فَاقِدُ الْمَاءِ] : أَيْ الْمُبَاحِ، وَأَمَّا وُجُودُ غَيْرِ الْمُبَاحِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ. وَالْمُرَادُ غَيْرُ كَافٍ لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ الْقُرْآنِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ وَلِجَمِيعِ بَدَنِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَوْ كَفَى وُضُوءَهُ.

قَوْلُهُ: [أَيْ مَنْ لَا قُدْرَةَ] إلَخْ: تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لِقَوْلِهِ [أَوْ قُدْرَةٍ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ] . وَالْمَعْنَى انْتَفَتْ قُدْرَتُهُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ الْكَافِي فَتَغَايَرَ مَعَ مَا قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: [وَلَوْ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ] : أَيْ هَذَا إذَا كَانَ سَفَرَ طَاعَةٍ كَالْحَجِّ وَالْغَزْوِ، أَوْ مُبَاحًا كَالتَّجْرِ، بَلْ وَلَوْ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ، وَإِذَا كَانَ الْمُسَافِرُ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِصْحَابُ الْمَاءِ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَنَفْيُ اللُّزُومِ لَا يُنَافِي النَّدْبَ لِمُرَاعَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>