كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (اقْتَصَرْت فِيهِ عَلَى أَرْجَحِ الْأَقَاوِيلِ) هَذَا نَعْتٌ لِكِتَابٍ؛ أَيْ كِتَابٌ اقْتَصَرْت فِيهِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي حُكْمٍ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ عِنْدَ الْأَشْيَاخِ. فَلَمْ يَقَعْ فِيهِ ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ إلَّا قَلِيلًا حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحٌ لِأَحَدِهِمَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْقُرْآنَ. وَرَوَى هُوَ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ غَيْرُ نَافِعٍ التَّابِعِيِّ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَحَمَلَتْ بِالْإِمَامِ أُمُّهُ ثَلَاثَ سِنِينَ. وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ عَلَى الْأَشْهَرِ بِذِي الْمَرْوَةِ؛ مَوْضِعٌ مِنْ مَسَاجِدِ تَبُوكَ عَلَى ثَمَانِيَةِ بُرُدٍ مِنْ الْمَدِينَةِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ يَوْمَ الْأَحَدِ لِتَمَامِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ وَالِيًا عَلَى الْمَدِينَةِ. وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ وَعَلَيْهِ قُبَّةٌ، وَبِجَانِبِهِ قَبْرٌ لِنَافِعٍ؛ قِيلَ: نَافِعٌ الْقَارِئُ أَوْ هُوَ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَمَنَاقِبُهُ وَفَضْلُهُ أَظْهَرُ مِنْ الشَّمْسِ فِي رَابِعَةِ النَّهَارِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنَّا بِهِ.
قَوْله: قَلْبٌ: أَيْ عَقْلٌ كَامِلٌ.
وَقَوْلُهُ: (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ إلَخْ) : أَيْ صَغَى بِسَمْعِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ بِقَلْبِهِ لِمَا يُذْكَرُ مِنْ مَنَاقِبِ الْإِمَامِ، وَفِيهِ اقْتِبَاسٌ مِنْ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ. قَوْلُهُ: [أَرْجَحِ الْأَقَاوِيلِ] : أَيْ أَقْوَاهَا إنْ وُجِدَ رَاجِحٌ وَأَرْجَحُ، وَعَلَى الرَّاجِحِ إنْ وُجِدَ رَاجِحٌ وَمَرْجُوحٌ. فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ دَائِمًا كَمَا يُفِيدُهُ حَلُّ الشَّارِحِ. وَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ: مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ وَالْمَشْهُورُ: مَا كَثُرَ قَائِلُهُ. وَلَكِنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْأَرْجَحِ وَالرَّاجِحِ: الْقَوِيُّ وَالْأَقْوَى؛ إمَّا لِقُوَّةِ دَلِيلِهِ أَوْ لِكَثْرَةِ قَائِلِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْتَزِمًا لِاصْطِلَاحَاتِ الْمُخْتَصَرِ.
مَسْأَلَةٌ: لِلْمُفْتِي إذَا اُسْتُفْتِيَ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا قَوْلَانِ أَنْ يَحْمِلَ الْمُسْتَفْتِيَ عَلَى أَيِّهِمَا.
وَقِيلَ: بَلْ يُخْبِرُهُ بِالْقَائِلَيْنِ، فَيُقَلِّدُ أَيَّهُمَا أَحَبَّ كَمَا لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً. وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِلتَّرْجِيحِ، وَإِلَّا فَلْيُرَجِّحْ أَحَدَ الْأَقْوَالِ - اُنْظُرْ الْأُجْهُورِيَّ.
مَسْأَلَةٌ أُخْرَى - فِي الْحَطَّابِ: أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ بِفَتْوَاهُ مُجْتَهِدًا لَا يَضْمَنُ، وَمُقَلِّدًا يَضْمَنُ إنْ انْتَصَبَ أَوْ تَوَلَّى فِعْلَ مَا أَفْتَى بِهِ، وَإِلَّا - فَغُرُورٌ قَوْلِيٌّ لَا ضَمَانَ فِيهِ، وَيُزْجَرُ.
وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ اشْتِغَالٌ بِالْعِلْمِ، أُدِّبَ وَتَجُوزُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْفُتْيَا إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ. وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ تَقْدِيمُ الشَّاذِّ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى مَذْهَبِ الْغَيْرِ، وَالْأَشْيَاخُ عَلَى عَكْسِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute