وَلَا يُلْزَمُ) الْمُفْلِسُ (بِتَكَسُّبٍ) لِوَفَاءِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَلَا يُطْلَبُ بِهِ إلَّا عِنْدَ الْيَسَارِ. (وَ) لَا (تَسَلُّفٍ وَ) لَا (اسْتِشْفَاعٍ) : أَيْ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ فِيمَا يَأْخُذُ بِهَا لِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ التَّكَسُّبِ. (وَ) لَا (عَفْوٍ) عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ (لِلدِّيَةِ) : أَيْ لِأَجْلِهَا، وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا. بِخِلَافِ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ فَلَا يَعْفُوَ مَجَّانًا، كَالْخَطَأِ لِأَنَّ فِيهِ مَا لَا تَقَرَّرَ. (وَ) لَا (انْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ) لِيُوَفِّيَ بِهِ دَيْنَهُ. وَجَازَ لَهُ نَزْعُهُ، فَإِنْ نَزَعَهُ فَلَهُمْ أَخْذُهُ، وَالْمُرَادُ بِالرَّقِيقِ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُلْزَمُ بِانْتِزَاعِهِ. (وَ) لَا انْتِزَاعِ (مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ. وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ بَعْدَهُ فَهُوَ كَالتَّبَرُّعِ لَهُمْ رَدُّهُ وَأَخْذُهُ.
(وَعُجِّلَ بَيْعُ مَا خِيفَ) بِتَأْخِيرِهِ (فَسَادُهُ) : كَالْفَوَاكِهِ (أَوْ تَغَيُّرِهِ) عَنْ حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ بِهَا، أَوْ كَسَادِهِ لَوْ تَأَخَّرَ. (و) كَذَا يُعَجَّلُ بَيْعُ (الْحَيَوَانِ بِالنَّظَرِ) : لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ مَعَ الِاحْتِيَاجِ إلَى مُؤْنَتِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا يُلْزَمُ الْمُفْلِسُ بِتَكَسُّبٍ] : أَيْ وَلَوْ عَامَلَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى التَّكَسُّبِ وَشَرَطُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا فَلِسَ، فَلَا يُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَسَوَاءٌ كَانَ صَانِعًا أَوْ تَاجِرًا. خِلَافًا لِمَا فِي ح نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ مَنْ جَبَرَهُ عَلَى التَّكَسُّبِ إذَا كَانَ صَانِعًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ التَّكَسُّبَ فِي عَقْدِ الدَّيْنِ كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ التَّكَسُّبِ] : أَيْ وَلِأَنَّ فِيهِ ابْتِدَاءَ مِلْكٍ وَاسْتِحْدَاثَهُ وَهُوَ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ أُخْرَى وَلَوْ مَاتَ الْمُفْلِسُ عَنْ شُفْعَةٍ فَهِيَ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلْغُرَمَاءِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ.
تَنْبِيهٌ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ حَبَسَ حَبْسًا وَشَرَطَ أَنَّ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ الْبَيْعَ فَلِغُرَمَائِهِ الْبَيْعُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَلَوْ كَانَ الْمُفْلِسُ امْرَأَةً فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا مُعَجَّلَ مَهْرِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ لِلزَّوْجِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ مِنْهُ دَيْنَهَا إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: الدِّينَارُ وَنَحْوُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute