وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ؛ لِأَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ. إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ إنْ اشْتَرَى قَبْلَ الْفَلَسِ فَظَاهِرٌ؛ وَبَعْدَهُ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ. (كَوَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ) طَرَأَ (عَلَى مِثْلِهِ) فَيَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ الْمُوصَى لَهُمْ بِمَا يَخُصُّهُ.
(وَإِنْ اُشْتُهِرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ، أَوْ عَلِمَ بِهِ الْوَارِثُ وَأَقْبِضَ) الْغُرَمَاءَ الْحَاضِرِينَ (رَجَعَ عَلَيْهِ) : أَيْ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَيْهِ: بِمَا ثَبَتَ لَهُ، لِتَفْرِيطِهِ وَاسْتِعْجَالِهِ؛ كَمَا لَوْ قَبَضَ لِنَفْسِهِ (ثُمَّ رَجَعَ هُوَ عَلَى الْغَرِيمِ) الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ.
(وَلَهُ) : أَيْ لِلطَّارِئِ (الرُّجُوعُ) عَلَى الْغَرِيمِ ابْتِدَاءً فَهُوَ مُخَيَّرٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ الْغَرِيمِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يُرْجَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ. فَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفْلِسِ عَشَرَةً وَعَلَيْهِ لِثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ أَحَدُهُمْ غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا عِلْمٌ بِهِ اقْتَسَمَ الْحَاضِرَانِ مَالَهُ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَاحِدِ وَثُلُثَيْنِ. وَقَوْلُنَا: لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا عِلْمٌ بِهِ، احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا سَيَأْتِي: وَقَوْلُنَا: وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ، احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَسَيَأْتِي أَنَّ الْغَرِيمَ الطَّارِئَ يَأْخُذُ الْمَلِيَّ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرَ عَنْ الْغَائِبِ وَقَوْلُهُ: الْغَرِيمُ الطَّارِئُ، يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا لَوْ حَضَرَ إنْسَانٌ قِسْمَةَ تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِدَيْنٍ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ حَصَلَ الْقَسَمُ فِي الْجَمِيعِ. فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الْقَسْمِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ لَمْ يَسْقُطْ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا تَرَكَ حَقَّهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ ابْنُ عَاصِمٍ فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ:
وَحَاضِرٌ لِقَسْمِ مَتْرُوكٍ لَهُ ... عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ أَهْمَلَهُ
لَا يَمْنَعُ الْقِيَامَ بَعْدُ إنْ بَقِيَ ... لِلْقَسْمِ قَدْرُ دَيْنِهِ الْمُحَقَّقِ
يَقْبِضُ مِنْ ذَلِكَ حَقًّا مَلَكَهُ ... بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّهُ مَا تَرَكَهُ
قَوْلُهُ: [بِمَا يَخُصُّهُ] : أَيْ فَقَطْ وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ وَلَا حَيًّا عَنْ مَيِّتٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مُشْتَهِرًا بِالدَّيْنِ أَوْ عَلِمَ الْوَارِثُ بِالطَّارِئِ وَأُقْبَضَ الْغُرَمَاءَ - كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ اُشْتُهِرَ مَيِّتٌ إلَخْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute