جَزْمًا. وَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ - أَيْ طَرِيقَتَانِ - لَا تُرَدُّ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَتَأَمَّلْ. وَكَذَا لَا يَتَيَمَّمُ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ لِجِنَازَةٍ إلَّا إذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ مِنْ مُتَوَضِّئٍ أَوْ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ، وَلَا لِنَفْلٍ اسْتِقْلَالًا وَلَوْ وِتْرًا إلَّا تَبَعًا لَفَرْضٍ كَأَنْ يَتَيَمَّمَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ ثُمَّ يُتْبِعُهُ بِنَفْلٍ أَوْ لِلْعِشَاءِ ثُمَّ يُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ بِتَيَمُّمِ الْعِشَاءِ، بِشَرْطِ أَنْ يَتَّصِلَ النَّفَلُ بِالْفَرْضِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، فَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ فَصْلٍ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ يَتَيَمَّمَانِ لِلْجِنَازَةِ تَعَيَّنَتْ أَمْ لَا، وَلِلنَّفْلِ اسْتِقْلَالًا، وَأَوْلَى تَبَعًا، كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا. وَأَمَّا الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ فَلَا يَتَيَمَّمُ لِنَفْلٍ وَلَوْ سُنَّةً اسْتِقْلَالًا، وَلَا لِجِنَازَةٍ إلَّا إذَا تَعَيَّنَتْ، وَقَوْلُهُ (إلَّا تَبَعًا) : اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، أَيْ لَكِنْ إنْ صَلَّى نَفْلًا بِتَيَمُّمٍ لِفَرْضٍ جَازَ بِالتَّبَعِيَّةِ لِذَلِكَ الْفَرْضِ، إنْ اتَّصَلَ بِالْفَرْضِ، وَكَذَا إنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ بَعْدَهُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ، كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ] : وَهَذَا التَّقَيُّدُ لِلْأُجْهُورِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. فَوُجُودُ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ يَمْنَعُ مِنْ تَيَمُّمِ الْحَاضِرِ الصَّحِيحِ، وَفِي (ح) و (ر) خِلَافُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْحَاضِرُونَ الْأَصِحَّاءُ صَحَّتْ لَهُمْ مَعًا، وَيَجْرِي مَنْ لَحِقَ فِي الْأَثْنَاءِ عَلَى سُقُوطِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِتَعَيُّنِهِ بِالشُّرُوعِ. وَعَدَمِ تَعَيُّنِهِ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالتَّمَامِ. وَفَائِدَةُ التَّعَيُّنِ حُرْمَةُ الْقَطْعِ لَا السُّقُوطِ عَنْ غَيْرِ الشَّارِعِ فِيهِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى مَجْمُوعِهِ.
قَوْلُهُ: [بِشَرْطِ أَنْ يَتَّصِلَ] إلَخْ: وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ النَّوَافِلِ كَمَا أَفَادَهُ (ح) قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ (عب) : إنَّ شَرْطَ نِيَّتِهَا ضَعِيفٌ (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى مَجْمُوعِهِ) .
قَوْلُهُ: [فَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ فَصْلٍ] : أَيْ بَيْنَ النَّوَافِلِ وَالْفَرْضِ وَبَيْنَ النَّوَافِلِ بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ: لَا إنْ طَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ. وَيَسِيرُ الْفَصْلِ عَفْوٌ، وَمِنْهُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَالْمُعَقِّبَاتُ، وَأَنْ لَا يُكْثِرَ فِي نَفْسِهِ جِدًّا بِالْعُرْفِ (اهـ) وَقَالَ فِي تَكْرِيرِهِ: الْكَثْرَةُ جِدًّا كَالزِّيَادَةِ عَلَى التَّرَاوِيحِ مَعَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ، فَيَجُوزُ فِعْلُهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ الْكَثْرَةِ جِدًّا (اهـ) .
قَوْلُهُ: [اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ] : أَيْ فِي قُوَّةِ الِاسْتِدْرَاكِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: [أَيْ لَكِنْ] إلَخْ.
قَوْلُهُ: [وَكَذَا إنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ] : ظَاهِرُهُ أَنَّ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ جَائِزٌ لَكِنْ لَا يَصِحُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute