حُجِرَ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ (فِي) الْوَلَدِ (ذِي الْأَبِ) وَلَا يَحْتَاجُ لِفَكِّ حَجْرِهِ (وَ) إلَى (فَكِّ الْوَصِيِّ وَ) فَكِّ (الْمُقَدَّمِ) عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا رَشَدَ لِحِفْظِ مَالِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ مِنْ أَبِيهِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّمِ وَالْوَصِيِّ فَيَحْتَاجُ، بِأَنْ يَقُولَ لِلْعُدُولِ: اشْهَدَا أَنِّي فَكَكْت الْحَجْرَ عَنْ فُلَانٍ وَأَطْلَقْت لَهُ التَّصَرُّفَ لِمَا قَامَ عِنْدِي مِنْ رُشْدِهِ وَحُسْنِ تَصَرُّفِهِ فَتَصَرُّفُهُ بَعْدَ الْفَكِّ لَازِمٌ لَا يُرَدُّ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ الْحَاكِمِ فِي الْفَكِّ.
(وَزِيدَ) عَلَى الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَفَكِّ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ (فِي الْأُنْثَى: دُخُولُ زَوْجٍ بِهَا) بِالْفِعْلِ (وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ بِحِفْظِهَا مَالَهَا) وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِلْإِشْهَادِ لِأَنَّ شَأْنَ النِّسَاءِ الْإِسْرَافُ؛ فَمَدَارُ الرُّشْدِ عِنْدَنَا عَلَى صَوْنِ الْمَالِ فَقَطْ دُونَ صَوْنِ الدِّينِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا يَحْتَاجُ لِفَكِّ حَجْرِهِ] : حَاصِلُهُ: أَنَّهُ مَتَى بَلَغَ عَاقِلًا رَشِيدًا زَالَتْ وِلَايَةُ الْأَبِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ، وَمَعَ الْفَكِّ فِي الْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ وَمُقَدِّمِهِ. وَهَذَا مِنْ حَيْثُ تَدْبِيرُ نَفْسِهِ وَصِيَانَةُ مُهْجَتِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الذَّهَابِ حَيْثُ يَشَاءُ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ لِجَمَالِهِ مَثَلًا وَإِلَّا كَانَ لِأَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ بَلْ وَلِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ مَنْعُهُ.
قَوْلُهُ: [وَزِيدَ عَلَى الْبُلُوغِ] : أَيْ يُزَادُ فِي خُرُوجِ الْأُنْثَى الْبِكْرِ مِنْ حَجْرِ الْأَوْلِيَاءِ الثَّلَاثَةِ - الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُقَدِّمُ - شَرْطَانِ: دُخُولُ الزَّوْجِ بِهَا، وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا. وَعَلَى هَذَا فَذَاتُ الْأَبِ لَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا إلَّا بِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ: بُلُوغُهَا، وَحُسْنُ تَصَرُّفِهَا. وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ بِذَلِكَ، وَدُخُولُ الزَّوْجِ بِهَا وَأَمَّا ذَاتُ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدِّمِ فَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا إلَّا بِأُمُورٍ خَمْسَةٍ؛ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ، وَفَكُّ الْوَصِيِّ أَوْ الْمُقَدَّمِ فَإِنْ لَمْ يُفَكَّا الْحَجْرَ عَنْهَا كَانَ تَصَرُّفُهَا مَرْدُودًا وَلَوْ عَنَّسَتْ أَوْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَطَالَتْ إقَامَتُهَا عِنْدَهُ.
قَوْلُهُ: [فَمَدَارُ الرُّشْدِ عِنْدَنَا] : أَيْ وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ: فَالرُّشْدُ عِنْدَهُمْ بِصَلَاحِهِمَا مَعًا، فَمَتَى كَانَتْ مُسْرِفَةً فِي دِينِهَا فَهِيَ غَيْرُ رَشِيدَةٍ عِنْدَهُمْ وَتَصَرُّفُهَا مَرْدُودٌ وَإِنْ كَانَتْ مُصْلِحَةً لِدُنْيَاهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute