للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا) يَجُوزُ الصُّلْحُ (بِمَجْهُولٍ) جِنْسًا أَوْ قَدْرًا أَوْ صِفَةً، لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ أَوْ إبْرَاءٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَيُّنِ مَا صَالَحَ بِهِ. وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: " بَيْعٌ " إلَخْ وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ مَوَانِعَ

ــ

[حاشية الصاوي]

عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ حَالَّةٍ فَأَنْكَرَ أَوْ سَكَتَ ثُمَّ يُصَالِحُ عَنْهَا بِثَمَانِيَةٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ بِعَرْضٍ حَالٍّ، وَمِثَالُ مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَاهُمَا وَيَمْتَنِعُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ: أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ فَيُصَالِحَهُ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ بِهَا إلَى أَشْهُرٍ أَوْ عَلَى خَمْسِينَ مُؤَخَّرَةٍ شَهْرًا، فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَخَّرَ صَاحِبَهُ أَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْبَعْضَ وَأَخَّرَهُ لِشَهْرٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتَدَى مِنْ الْيَمِينِ بِمَا الْتَزَمَ أَدَاءَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ، فَالسَّلَفُ التَّأْخِيرُ وَالْمَنْفَعَةُ سُقُوطُ الْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ الْإِنْكَارِ بِتَقْدِيرِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ حَلَّفَهُ فَيَسْقُطُ جَمِيعُ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ، فَهَذَا مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْإِمَامِ جَائِزٌ عِنْد ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ. وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَاهُمَا: أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِدَرَاهِمَ وَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ، فَيَعْتَرِفُ بِالطَّعَامِ وَيُنْكِرُ الدَّرَاهِمَ وَيُصَالِحُهُ. عَلَى طَعَامٍ مُؤَجَّلٍ أَكْثَرَ مِنْ طَعَامِهِ أَوْ يَعْتَرِفُ بِالدَّرَاهِمِ وَيُصَالِحُهُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ، حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى فَسَادِهِ وَيَفْسَخُ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ. وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ: أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيُنْكِرُهَا ثُمَّ يُصَالِحُهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى أَجَلٍ، فَهَذَا مُمْتَنَعٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَيَجُوزُ عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى الِافْتِدَاءِ مِنْ الْيَمِينِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ إذْ لَمْ تَتَّفِقْ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ. وَمِثَالُ مَا يَمْنَعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ: أَنْ يَدَّعِيَ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَ قَمْحًا مِنْ قَرْضٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّمَا لَك عَلَيَّ خَمْسَةٌ مَنْ سَلَّمَ وَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مَنٍّ وَنَحْوِهَا مُعَجَّلَةً، فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي، لِأَنَّ طَعَامَ الْقَرْضَ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ طَعَامِ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ (اهـ مِنْ الْأَصْلِ بِحُرُوفِهِ) .

وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ الشُّرُوطَ الثَّلَاثَةَ إنَّمَا هِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ فَقَطْ وَأَمَّا عَلَى السُّكُوتِ فَالشَّرْطُ فِيهِ جَوَازُهُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي كَمَا رَجَّحَهُ فِي الـ " مج " وَفِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.

قَوْلُهُ: [وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ بَيْعٌ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ عَلَى غَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>