(أَوْ فَسَدَتْ) الْحَمَالَةُ نَفْسُهَا شَرْعًا؛ بِأَنْ اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ أَوْ حَصَلَ مَانِعٌ فَتَبْطُلُ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمُهَا مِنْ غُرْمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
(كَبِجُعْلٍ) لِلضَّامِنِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ. وَعِلَّةُ الْمَنْعِ أَنَّ الْغَرِيمَ إنْ أَدَّى الدَّيْنَ لِرَبِّهِ كَانَ الْجُعَلُ بَاطِلًا؛ فَهُوَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَإِنْ أَدَّاهُ الْحَمِيلُ لِرَبِّهِ ثُمَّ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَرِيمِ كَانَ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ، فَتَفْسُدُ الْحَمَالَةُ
ــ
[حاشية الصاوي]
الْقِيمَةُ أَوْ الثَّمَنُ وَلَكِنْ اُسْتُظْهِرَ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُعَلَّقِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ: أَنَّ قَوْلَهُ: " أَوْ فَسَدَتْ " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: " فَسَدَ " فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى وَبَطَلَ الضَّمَانُ إنْ فَسَدَتْ الْحَمَالَةُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَسَادَ هُوَ الْبُطْلَانُ وَالضَّمَانُ هُوَ الْحَمَالَةُ؛ فَيَلْزَمُ اتِّحَادُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ وَهُوَ تَهَافُتٌ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُطْلَانِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ: عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالشَّيْءِ بِحَيْثُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٍ. وَبِالْفَسَادِ: الْفَسَادُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ عَدَمُ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ. فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى وَإِذَا كَانَتْ الْحَمَالَةُ فَاسِدَةً شَرْعًا غَيْرَ مُسْتَوْفِيَةٍ لِلشُّرُوطِ كَانَتْ غَيْرَ مُعْتَدٍ بِهَا.
قَوْلُهُ: [كَبِجُعْلٍ] : إنَّمَا فَسَدَتْ بِالْجُعْلِ لِلضَّامِنِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «ثَلَاثَةٌ لَا تَكُونُ إلَّا لِلَّهِ: الْجُعْلُ وَالضَّمَانُ وَالْجَاهُ» . وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الصُّوَرَ تِسْعٌ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ: إمَّا لِلضَّامِنِ مِنْ الْمَدِينِ، أَوْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ. وَإِمَّا لِلْمَدِينِ مِنْ الضَّامِنِ، أَوْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ. فَيَمْتَنِعُ حَيْثُ كَانَ لِلضَّامِنِ فِي الثَّلَاثِ وَيَجُوزُ فِيمَا عَدَاهَا. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ مِنْ الضَّامِنِ لِلْمَدِينِ فَلَا يُقَيَّدُ الْجَوَازُ بِحُلُولِ الدَّيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ فَيُشْتَرَطُ حُلُولُ أَجَلِ الدَّيْنِ، وَإِلَّا أَدَّى لِضَعْ وَتَعَجَّلْ لِأَنَّ مَجِيءَ الْمَدِينَ كَالضَّامِنِ بِمَنْزِلَةِ تَعْجِيلِ الْحَقِّ - كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [كَانَ الْجُعْلُ بَاطِلًا] : أَيْ لِعَدَمِ تَمَامِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ.
وَقَوْلُهُ: [وَإِنْ أَدَّاهُ] : أَيْ الدَّيْنَ.
وَقَوْلُهُ: [ثُمَّ رَجَعَ بِهِ] : أَيْ بِالدَّيْنِ.
وَقَوْلُهُ: [كَانَ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ] : أَيْ كَانَ دَفْعُهُ الدَّيْنَ وَأَخْذُهُ سَلَفًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute