(وَالضَّرْبَةُ الْأُولَى، وَتَعْمِيمُ مَسْحِ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ، مَعَ تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ، وَنَزْعِ خَاتَمِهِ) : الْفَرِيضَةُ الثَّانِيَةُ: الضَّرْبَةُ الْأُولَى؛ أَيْ وَضْعُ الْكَفَّيْنِ عَلَى الصَّعِيدِ، وَأَمَّا الضَّرْبَةُ الثَّانِيَةُ فَسُنَّةٌ، كَمَا سَيَأْتِي.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ تَعْيِينَ شَخْصِ الصَّلَاةِ مَنْدُوبٌ، فَإِنْ عَيَّنَ بِهِ شَخْصَ فَرْضٍ فَلَا يَفْعَلُ بِهِ فَرْضًا غَيْرَهُ، وَإِنْ عَيَّنَ نَوْعَ الْفَرْضِ أَوْ سَكَتَ - كَمُجَرَّدِ صَلَاةٍ صُرِفَ لِلْفَرْضِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَيَفْعَلُ غَيْرَهُ تَبَعًا، عَلَى مَا سَبَقَ، فَإِنْ لَاحَظَ الْإِطْلَاقَ أَيْ الصَّلَاةَ الدَّائِرَةَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ مُلَاحِظًا الشُّيُوعَ لَمْ يَجُزْ بِهِ الْفَرْضُ، وَصَلَّى مِنْ النَّفْلِ مَا شَاءَ. تَنْبِيهٌ:
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، قَالَ: الْأَصْلُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ وَإِنَّمَا يُبِيحُ الْعِبَادَةَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا. إذْ كَيْفَ تُجَامِعُ الْإِبَاحَةُ الْمَنْعَ؟ وَلِهَذَا ذَهَبَ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى أَنَّ الْخُلْفَ لَفْظِيٌّ، فَمَنْ قَالَ: لَا يَرْفَعُهُ، أَيْ مُطْلَقًا، بَلْ إلَى غَايَةِ الصَّلَاةِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ النَّقِيضَانِ، إذْ الْحَدَثُ الْمَنْعُ وَالْإِبَاحَةُ حَاصِلَةٌ إجْمَاعًا (اهـ.) قَالَ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ: وَفِي (ح) وَ (ر) تَقْوِيَةٌ أَنَّهُ حَقِيقِيٌّ لِابْتِنَاءِ الْأَحْكَامِ عَلَى كُلٍّ. قُلْنَا: إنْ فُسِّرَ الْحَدَثُ بِالْمَنْعِ تَعَيَّنَ أَنَّهُ لَفْظِيٌّ، أَوْ بِالصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ - كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ - فَلَا (اهـ) . وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمَنْعَ لَا يُجَامِعُ الْإِبَاحَةَ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ لَفْظِيًّا حَيْثُ فُسِّرَ بِالْمَنْعِ، وَحَقِيقِيًّا إنْ فُسِّرَ بِالصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ، لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ تُجَامِعُ الصِّفَةَ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَدْ احْتَلَمَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ: صَلَّيْت بِالنَّاسِ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟» ، أَيْ قَائِمٌ بِك الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ لَا الْمَنْعُ، وَإِلَّا لَأَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ، تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَضْعُ الْكَفَّيْنِ] : إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ لَفْظِ الضَّرْبِ أَنَّهُ يَكُونُ بِشِدَّةٍ، فَأَفَادَ أَنَّهُ وَضْعُ الْكَفَّيْنِ عَلَى الصَّعِيدِ، وَمِثْلُ الْكَفَّيْنِ أَحَدُهُمَا أَوْ بَعْضُهُمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute