فَإِنْ بَاعَهُ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لَلشَّرِيك كَمَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْمُرَادُ: يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ إنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّعْمِيرِ فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ أَوَّلًا بِالتَّعْمِيرِ بِلَا حُكْمٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تُعَمِّرْ حَكَمْنَا عَلَيْك بِالْبَيْعِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ. وَلَوْ كَانَتْ حِصَّتُهُ يَزِيدُ ثَمَنُهَا عَلَى التَّعْمِيرِ. وَقِيلَ: يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِبَيْعِ قَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْمِيرُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْجَبْرِيَّ إنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِهَا. وَرَدَّ بِأَنَّ دَفْعَ ضَرَرِ كَثْرَةِ الشُّرَكَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بِبَيْعِ الْكُلِّ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ غَنِيًّا جَبَرَهُ بِالتَّعْمِيرِ وَإِلَّا جَبَرَهُ عَلَى الْبَيْعِ.
وَالْكَلَامِ فِي غَيْرِ الْعُيُونِ وَالْآبَارِ، فَإِنَّ الْآبِيَ مِنْ التَّعْمِيرِ لَهَا لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ بَلْ يُقَالُ لِصَاحِبِهِ: عَمِّرْ وَلَك جَمِيعُ الْمَاءِ مَا لَمْ يَدْفَعْ لَك الْآبِي مَا يَخُصُّهُ مِنْ النَّفَقَةِ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ فَالْمَاءُ لِلْمُعَمِّرِ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا أَنْفَقَ - كَذَا فِي الْمَوَّاقِ. وَقِيلَ: بَلْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَمَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى] : أَيْ فِي بَابِهَا.
قَوْلُهُ: [وَالْمُرَادُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ] : جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لِلشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ التَّعْمِيرِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ: حَكَمْتُ عَلَيْك بِأَنْ تُعَمِّرَ أَوْ تَبِيعَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ الْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بِمُعَيَّنٍ وَهُوَ إذَا قَالَ لَهُ: حَكَمْتُ عَلَيْك أَنْ تُعَمِّرَ أَوْ تَبِيعَ لَمْ يَكُنْ الْمَحْكُومُ بِهِ مُعَيَّنًا، بَلْ الْحَاكِمُ يَأْمُرُهُ أَوَّلًا بِالْعِمَارَةِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَتْ حِصَّتُهُ يَزِيدُ ثَمَنُهَا عَلَى التَّعْمِيرِ] : هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ كَانَ فِي الْوَقْفِ كَمَا لِلنَّفْرَاوِيِّ دَفْعًا لِضَرُورَةِ تَكْثِيرِ الشُّرَكَاءِ.
قَوْلُهُ: [جَبَرَهُ بِالتَّعْمِيرِ] : أَيْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ فَضَمِنَ جَبْرَ مَعْنَى حُكْمٍ فَعَدَّاهُ بِالْبَاءِ.
قَوْلُهُ: [لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ] إلَخْ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعُيُونِ وَالْآبَارِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ أَمْ لَا.
قَوْلُ: [كَذَا فِي الْمَوَّاقِ] : أَيْ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: مَحَلُّ جَبْرِ الشَّرِيكِ إنْ كَانَ عَلَى الْبِئْرِ أَوْ الْعَيْنِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَرَجَّحَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute