للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: إنَّ قَلْبَ الْأَرْضِ يُوجِبُ اللُّزُومَ، وَقِيلَ: إنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ كَشَرِكَةِ الْمَالِ. وَالرَّاجِحُ مَا ذَكَرْنَاهُ.

(فَلِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ (فَسْخُهَا قَبْلَهُ) : أَيْ الْبَذْرِ؛ فَلَوْ بَذَرَ الْبَعْضُ فَالنَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إنْ بَذَرَ الْبَعْضُ لَزِمَ الْعَقْدُ فِيمَا بَذَرَ وَلِكُلٍّ الْفَسْخُ فِيمَا بَقِيَ. وَظَاهِرُهُ: قَلَّ مَا بَذَرَ أَوْ كَثُرَ، فَالتَّنْظِيرُ الْوَاقِعُ هُنَا قُصُورٌ لِوُجُودِ النَّصِّ فَقَوْلُهُ: " قَبْلَهُ ": أَيْ وَلَوْ حَصَلَ كَبِيرُ عَمَلٍ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَا قَدْ قَلَبَا الْأَرْضَ وَلَمْ يَزْرَعَاهَا بَعْدُ لَمْ يَلْزَمْ الْآبِي مِنْهُمَا أَنْ يَزْرَعَهَا مَعَهُ (اهـ) .

وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا إنْ تُسَاوَيَا فِي الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ وَالْآلَةِ وَالزَّرِيعَةِ جَازَتْ اتِّفَاقًا.

وَإِنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْبَذْرِ وَالْآخَرُ بِالْأَرْضِ فَسَدَتْ اتِّفَاقًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا. وَمَا عَدَا هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الرَّاجِحِ.

هَذَا هُوَ النَّقْلُ؛ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ قِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ فِيهِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا عَدَا صُورَةِ التَّسَاوِي الْمُتَقَدِّمَةِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَقِيلَ إنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ] : هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ، وَإِنَّمَا وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّهَا شَرِكَةُ عَمَلٍ وَإِجَارَةٍ، فَمَنْ غَلَّبَ الْعَمَلَ قَالَ: غَيْرُ لَازِمَةٍ بِالْعَقْدِ وَشَرَطَ فِيهَا التَّكَافُؤَ وَالِاعْتِدَالَ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ أَحَدُهُمَا بِزِيَادَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَمَنْ غَلَّبَ الْإِجَارَةَ قَالَ: هِيَ لَازِمَةٌ بِالْعَقْدِ وَأَجَازَ فِيهَا التَّفَاضُلَ وَعَدَمَ التَّكَافُؤِ، وَقِيلَ: إنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ إذَا انْضَمَّ لَهُ، وَهُوَ الَّذِي أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ: إنَّ قَلْبَ الْأَرْضِ يُوجِبُ اللُّزُومَ فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ.

قَوْلُهُ: [فَالتَّنْظِيرُ الْوَاقِعُ هُنَا] : أَيْ مِنْ الْأُجْهُورِيِّ.

قَوْلُهُ: [جَازَتْ اتِّفَاقًا] : أَيْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَمُرَادُهُ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ بِمَنْعِهَا مُطْلَقًا وَإِنْ خَالَفَهُ صَاحِبَاهُ.

قَوْلُهُ: [لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا] : أَيْ إلَّا عَلَى قَوْلِ الدَّاوُدِيِّ وَالْأَصِيلِيِّ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى بِجَوَازِ كِرَاءٍ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: [فَقَوْلُ مَنْ قَالَ] إلَخْ: الْقَائِلُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا (عب) .

قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ] إلَخْ: أَيْ أَوْ يُحْمَلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>