(وَتَمَاثَلَ الْبَذْرَانِ) مِنْهُمَا إنْ أَخْرَجَاهُ مِنْ عِنْدِهِمَا؛ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا وَأَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنَابَهُ فِي الْبَذْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَاثُلِهِمَا (نَوْعًا) كَقَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ فُولٍ (لَا) إنْ اخْتَلَفَا (كَقَمْحٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا (وَشَعِيرٍ) أَوْ فُولٍ مِنْ الْآخَرِ. وَمِنْ التَّمَاثُلِ أَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنَابَهُ فُولًا مَثَلًا وَمَنَابَهُ قَمْحًا؛ بِأَنْ يُخْرِجَا مَعًا إرْدَبَّ فُولٍ يُزْرَعُ عَلَى جِهَةٍ وَإِرْدَبَّ قَمْحٍ يُزْرَعُ فِي جِهَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ صَحِيحٌ. فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْبَذْرِ غَيْرَ مَا أَخْرَجَهُ الْآخَرُ فَسَدَتْ وَلِكُلٍّ مَا أَنْبَتَهُ بَذْرُهُ، وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأَكْرِيَاءِ، وَالشَّيْخُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الشَّرْطَ؛ فَلَعَلَّهُ يَرَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلٌ، إلَّا أَنَّهُ يَرُدُّهُ أَنَّ الشَّيْخَ اشْتَرَطَ خَلَطَ الْبَذْرَيْنِ وَلَوْ حُكْمًا وَلَا يَتَأَتَّى خَلْطٌ فِي النَّوْعَيْنِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ الْخَلْطِ عَنْ تَمَاثُلِهِمَا. ثُمَّ إنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خَلْطُ الْبَذْرَيْنِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بَلْ إذَا خَرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِبَذْرِهِ وَبَذْرُهُ فِي جِهَةٍ فَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى، وَلَيْسَ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ بِاشْتِرَاطِهِ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ، وَقَوْلُهُ بِاشْتِرَاطِهِ ضَعِيفٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَكَانَ عَلَى الشَّيْخِ تَرْكُهُ وَلَا يَتِمُّ تَفْرِيعُهُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُ أَحَدِهِمَا وَعُلِمَ، إلَخْ. إلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، فَعُلِمَ أَنَّ الشُّرُوطَ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ وَبَعْضُهُمْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ.
ثُمَّ مَثَّلَ - لِمَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ - بِخَمْسَةِ مَسَائِلَ فَقَالَ: (كَأَنْ تُسَاوَيَا) : أَوْ تُسَاوَوْا إنْ كَانُوا أَكْثَرَ (فِي الْجَمِيعِ) بِأَنْ تَكُونَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَنَّ الشَّيْخَ اشْتَرَطَ خَلْطَ الْبَذْرَيْنِ وَلَوْ حُكْمًا] : أَيْ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونَ قَالَ (ر) : هَذَا الشَّرْطُ لِسَحْنُونٍ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [فَعَلِمَ أَنَّ الشُّرُوطَ ثَلَاثَةٌ] : أَيْ وَهِيَ سَلَامَتُهُمَا مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ، وَالتَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ مَا أَخْرَجَ. وَتَمَاثُلِ الْبَذْرَيْنِ.
قَوْلُهُ: [وَبَعْضُهُمْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ] : أَيْ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَأَبُو الْحَسَنِ كَمَا قَالَ (بْن) .
قَوْلُهُ: [بِخَمْسَةِ مَسَائِلَ] : الْمُنَاسِبُ حَذْفُ التَّاءِ.
قَوْله: [كَأَنْ تُسَاوَيَا أَوْ تُسَاوَوْا] : أَيْ دَخَلُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute