بِخِلَافِ تَوْكِيلِ غَيْرِهِ فِي الْإِمَامَةِ بِمَحَلٍّ يَؤُمُّ فِيهِ النَّاسَ أَوْ يَخْطُبُ عَنْهُ فَيَجُوزُ.
(وَ) لَا فِي (مَعْصِيَةٍ؛ كَظِهَارٍ) : فَلَا يُوَكِّلُ مَنْ يَظَاهَرُ عَنْهُ زَوْجَتَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَكَذَا سَائِرُ الْمَعَاصِي: فَمَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ خَمْرًا أَوْ يَقْتُلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ يَغْصِبَ أَوْ يَسْرِقَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَا يُقَالُ لَهُ نِيَابَةٌ، وَيُقَالُ لَهُ أَمْرٌ. وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: افْعَلْ لِي مَا يَجُوزُ، كَ: اسْرِقْ لِي مَالِي الَّذِي بِيَدِ فُلَانٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَلَيْسَ فِي السُّنَّةِ أَنْ يَحْلِفَ أَحَدٌ وَيَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ، وَمَصْلَحَةُ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ إجْلَالُ اللَّهِ وَتَعْظِيمُهُ وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ لَهُ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ مِنْ جِهَةِ الْفَاعِلِ وَكَذَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَمَصْلَحَةُ الْوَطْءِ الْإِعْفَافُ، وَتَحْصِيلُ وَلَدٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ.
الثَّانِي: مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَصْلَحَةٍ مَنْظُورٍ فِيهَا لِذَاتِ الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ مَصْلَحَتِهِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَحِينَئِذٍ فَتَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ قَطْعًا وَذَلِكَ كَرَدِّ الْعَوَارِيِّ وَالْوَدَائِعِ وَالْمَغْصُوبَاتِ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَتَفْرِيقِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا. فَإِنَّ مَصْلَحَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إيصَالُ الْحُقُوقِ لِأَهْلِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، فَلِذَلِكَ يَبْرَأُ مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ.
الثَّالِثُ: مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَصْلَحَةٌ مَنْظُورٍ فِيهَا لِجِهَةِ الْفِعْلِ وَلِجِهَةِ الْفَاعِلِ وَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَهُمَا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا بِأَيِّهِمَا يَلْحَقُ؟ وَذَلِكَ كَالْحَجِّ فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ مَعَهَا إنْفَاقُ مَالٍ، فَمَالِكٌ وَمَنْ وَافَقَهُ رَأَوْا أَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَأْدِيبُ النَّفْسِ وَتَهْذِيبُهَا بِعَظِيمِ شَعَائِرِ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْبِقَاعِ وَإِظْهَارُ الِانْقِيَادِ إلَيْهِ، وَهَذَا أَمْرٌ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ قَادِرٍ فَإِذَا فَعَلَهُ إنْسَانٌ عَنْهُ فَاتَتْ الْمُصْلِحَةُ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ مِنْهُ، وَرَأَوْا أَنَّ إنْفَاقَ الْمَالِ فِيهِ أَمْرٌ عَارِضٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَكِّيَّ يَحُجُّ بِلَا مَالٍ فَقَدْ أَلْحَقُوهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَصَالِحَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ عَنْهُ، وَلِذَا كَانَ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ، وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ رَأَوْا أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ الْقِرْبَةُ الْمَالِيَّةُ الَّتِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا غَالِبًا فَأَلْحَقُوهُ بِالْقِسْمِ الثَّانِي (اهـ مُلَخَّصًا مِنْ بْن) .
قَوْلُهُ: [فِي الْإِمَامَةِ] : اعْلَمْ أَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِمَامَةَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمَ بِمَكَانٍ مَخْصُوصٍ تَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ عَدَمَ النِّيَابَةِ فِيهَا، فَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ عَدَمَهَا وَحَصَلَتْ نِيَابَةٌ لَمْ يَكُنْ الْمَعْلُومُ لِلْأَصْلِ لِتَرْكِهِ وَلَا لِلنَّائِبِ لِعَدَمِ تَقَرُّرِهِ فِي الْوَظِيفَةِ أَصَالَةً، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ عَدَمَ النِّيَابَةِ فَالْمَعْلُومُ لِصَاحِبِ الْوَظِيفَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute