مَحَلُّ السُّلُوكِ أَيْ الذَّهَابُ، فَالْمَسْلَكُ الطَّرِيقُ الْمَسْلُوكُ فِيهِ. وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْكُتُبُ الْمُؤَلَّفَةُ فِي الْمَذْهَبِ. وَسَمَّاهُ بِذَلِكَ لِيُطَابِقَ الِاسْمُ الْمُسَمَّى؛ إذْ الْكُتُبُ الْمُؤَلَّفَةُ فِي الْمَذْهَبِ لَا تَخْلُو عَنْ صُعُوبَةٍ، وَهَذَا الْكِتَابُ سَهْلٌ مُنَقَّحٌ. وَيُقَرِّبُ الْأَقْصَى بِلَفْظٍ مُوجَزٍ وَيَبْسُطُ الْبَذْلَ بِوَعْدٍ مُنْجَزٍ وَقَوْلُهُ: (لِمَذْهَبِ) : مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسَالِكِ. (وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ كَمَا نَفَعَ بِأَصْلِهِ إنَّهُ عَلِيٌّ
ــ
[حاشية الصاوي]
تَتَعَدَّى لِلثَّانِي بِنَفْسِهَا أَوْ بِالْبَاءِ.
قَوْلُهُ: [وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْكُتُبُ] : أَيْ فَقَدْ شَبَّهَ الْكُتُبَ الْمُؤَلَّفَةَ فِي الْمَذْهَبِ بِطُرُقٍ تُوصِلُ إلَى مَدِينَةٍ مَثَلًا، وَاسْتَعَارَ اسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ. وَإِضَافَتُهَا لِلْمَذْهَبِ قَرِينَةٌ مَانِعَةٌ. وَلَك أَنْ تَجْعَلَ [فِي الْمَذْهَبِ] : بِمَعْنَى الْأَحْكَامِ؛ اسْتِعَارَةً بِالْكِنَايَةِ، بِأَنْ يُقَالَ: شَبَّهَ مَذْهَبَ مَالِكٍ بِمَدِينَةٍ يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا بِطُرُقٍ عَدِيدَةٍ، وَطَوَى ذِكْرَ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَرَمَزَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ لَوَازِمِهِ - وَهُوَ الْمَسَالِكُ - عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ وَذِكْرُ الْمَسَائِلِ تَخْيِيلٌ.
قَوْلُهُ: [يُقَرِّبُ الْأَقْصَى] إلَخْ: مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ:
تُقَرِّبُ الْأَقْصَى بِلَفْظٍ مُوجَزٍ ... وَتَبْسُطُ الْبَذْلَ بِوَعْدٍ مُنْجَزٍ
وَإِسْنَادُ التَّقْرِيبِ لِلْكِتَابِ: مَجَازٌ عَقْلِيٌّ مِنْ الْإِسْنَادِ لِلسَّبَبِ. وَالْأَقْصَى صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ الْمَعْنَى الْأَبْعَدُ الَّذِي فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى الْبَعِيدُ. وَالْمُوجَزُ: الْمُخْتَصَرُ، وَالْبَسْطُ: التَّوْسِعَةُ. وَالْبَذْلُ: الْعَطَاء أَيْ الْمُعْطَى. وَالْوَعْدُ: مَا كَانَ بِخَيْرٍ ضِدُّ الْوَعِيدِ. وَالْمُنْجَزُ: الْمُبْرَمُ. وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ شَبَّهَ كِتَابَهُ بِشَخْصٍ كَرِيمٍ ذِي عَطَايَا وَاسِعَةٍ يَعِدُ وَلَا يُخْلِفُ. وَطَوَى ذِكْرَ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَرَمَزَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ لَوَازِمِهِ وَهُوَ الْبَسْطُ وَالْبَذْلُ وَالْوَعْدُ، فَالْبَذْلُ تَخْيِيلٌ، وَالْبَسْطُ وَالْوَعْدُ تَرْشِيحَانِ.
قَوْلُهُ: [كَمَا نَفَعَ بِأَصْلِهِ] : مَا مَصْدَرِيَّةٌ تُسْبَكُ مَعَ مَا بَعْدَهَا بِمَصْدَرٍ. وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَالتَّقْدِيرُ: وَأَسْأَلُ اللَّهَ النَّفْعَ بِهِ نَفْعًا كَائِنًا كَالنَّفْعِ بِأَصْلِهِ. قَوْلُهُ: [إنَّهُ عَلِيٌّ] إلَخْ: بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ الْمُضَمَّنِ مَعْنَى التَّعْلِيلَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute