للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِائَةً، فَمِائَةٌ فَقَطْ؛ وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ اخْتِلَافَ السَّبَبِ وَاتَّفَقَا قَدْرًا وَصِفَةً وَإِلَّا فَالْمِائَتَانِ، نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ بَيْعٍ، ثُمَّ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ قَالَ: مِائَةٌ مُحَمَّدِيَّةٌ، ثُمَّ: مِائَةٌ يَزِيدِيَّةٌ.

(وَإِنْ أَبْرَأَ) إنْسَانٌ (شَخْصًا مِمَّا لَهُ قِبَلَهُ، أَوْ) أَبْرَأَهُ (مِنْ كُلِّ حَقٍّ) لَهُ عَلَيْهِ (أَوْ أَبْرَأهُ) وَأَطْلَقَ، (بَرِئَ مُطْلَقًا) مِمَّا فِي الذِّمَّةِ وَغَيْرِهَا مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا.

(حَتَّى مِنْ السَّرِقَةِ) مِنْ (حَدِّ الْقَذْفِ) : إنْ كَانَ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ قَذَفَهُ وَلَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامُ. وَأَمَّا قَطْعُ الْيَدِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ، وَحِينَئِذٍ: (فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ) عَلَيْهِ (بِشَيْءٍ، وَإِنْ) كَانَ حَقًّا مَكْتُوبًا (بِصَكٍّ) ، أَيْ وَثِيقَةٍ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ (أَنَّهُ) : أَيْ الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ وَقَعَ (بَعْدَ الْإِبْرَاءِ)

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَالْمِائَتَانِ] : أَيْ بِأَنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ أَوْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ أَوْ الصِّفَةُ.

قَوْلُهُ: [نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ بَيْعٍ] : مِثَالٌ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ.

وَقَوْلُهُ: [أَوْ قَالَ مِائَةٌ مُحَمَّدِيَّةٌ] : مِثَالٌ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ وَلَمْ يُمَثِّلْ لِاخْتِلَافِ الْقَدْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا إذَا قَالَ: مِائَةٌ، وَفِي مَجْلِسٍ آخَرَ قَالَ: مِائَتَانِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ.

قَوْلُهُ: [بَرِئَ مُطْلَقًا] : أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تِلْكَ الصِّيَغِ الثَّلَاثِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَسَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامُ] : أَيْ فَإِنْ بَلَغَهُ فَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ السِّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ إبْرَاؤُهُ وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامُ.

تَتِمَّةً: ظَاهِرُ النُّصُوصِ أَنَّ الْبَرَاءَةَ تَنْفَعُ حَتَّى فِي الْآخِرَةِ فَلَا يُؤَاخِذُ الْعَبْدُ عِنْدَ اللَّهِ بِحَقٍّ جَحَدَهُ وَأَبْرَأَهُ صَاحِبُهُ مِنْهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: لَا يَسْقُطُ عَنْهُ مُطَالَبَةُ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ بِحَقِّ خَصْمِهِ. وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُبْرِئَ النَّاسَ مِنْ حَقِّ الْمَحْجُورِ الْبَرَاءَةَ الْعَامَّةَ، وَإِنَّمَا يُبْرِئُ عَنْهُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ. وَكَذَلِكَ الْمَحْجُورُ بِقُرْبِ رُشْدِهِ، وَلَا يُبْرِئُ وَصِيُّهُ إلَّا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَلَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ الْعَامَّةُ حَتَّى يَطُولَ رُشْدُهُ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ. وَكَذَلِكَ لَا يُبْرِئُ الْقَاضِي النَّاظِرُ فِي الْأَحْبَاسِ وَالْمُبَارَاةِ الْعَامَّةَ وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ. وَإِبْرَاؤُهُ عُمُومًا جَهْلٌ مِنْ الْقُضَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>