كَاسْتِلْحَاقِهِ مِنْ وَلَدٍ بِبَلَدٍ بَعِيدَةٍ جِدًّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا أَوْ شَرَعَ. (فَلَوْ كَانَ) مَجْهُولُ النَّسَبِ الْمُسْتَلْحَقُ - بِالْفَتْحِ (رِقًّا، أَوْ مَوْلًى) : أَيْ عَتِيقًا (لِمُكَذِّبِهِ) : أَيْ لِشَخْصٍ كَذَّبَ الْأَبَ الْمُسْتَلْحِقَ لَهُ (لَمْ يُصَدَّقْ) مُدَّعِي أُبُوَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى نَزْعِهِ مِنْ مَالِكِهِ أَوْ الْحَائِزِ لِوَلَائِهِ؛ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اسْتَلْحَقَ صَبِيًّا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ إذَا كَذَّبَهُ الْحَائِزُ (اهـ) . وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ أَصْلًا لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا. وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: مَنْ بَاعَ صَبِيًّا ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بِهِ لَحِقَ بِهِ وَيَنْقُصُ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ ثَالِثٍ مِنْهَا: مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَاسْتَلْحَقَهُ الْبَائِعُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يَقَعْ عِتْقٌ، وَإِلَّا مَضَى الْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُبْتَاعِ (اهـ) فَكَلَامُهُ يُخَالِفُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا] : فَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِهِ فَمُقْتَضَى ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَمُقْتَضَى الْبَرَاذِعِيِّ صِحَّةُ اسْتِلْحَاقِهِ، وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً اسْتِلْحَاقُ مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ نِكَاحٌ وَلَا تَسَرٍّ أَصْلًا فَإِنَّ الْعَادَةَ تُحِيلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى عَادِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ وَلِذَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام: ١٠١] إنَّ هَذِهِ حُجَّةٌ عُرْفِيَّةٌ لَا عَقْلِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: [فَلَوْ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ] إلَخْ: مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ شَرَعَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الرُّقْيَةُ وَالْمُوَلِّيَةُ مَانِعًا شَرْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى نَزْعِهِ مِنْ مَالِكِهِ أَوْ مَوْلَاهُ كَمَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى نَزْعِهِ] إلَخْ: اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللُّحُوقِ نَزْعُهُ مِنْ الرُّقْيَةِ، إذْ قَدْ يَتَزَوَّجُ الْحُرُّ الْأَمَةَ وَيُولِدُهَا، فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِأَبِيهِ وَرَقِيقٌ لِسَيِّدِ أُمِّهِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ قَوْلُ أَشْهَبَ بِاللُّحُوقِ، بَلَى وَقَعَ مِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى، فَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ الْمَشْهُورِ - وَهُوَ عَدَمُ اللُّحُوقِ - رَأَى أَنَّ السَّيِّدَ قَدْ تَلْحَقُهُ مَضَرَّةٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَوْ ثَبَتَ اللُّحُوقُ، إذْ قَدْ يَعْتِقُ هَذَا الْعَبْدُ وَيَمُوتُ عَنْ مَالٍ فَتُقَدَّمُ عَصَبَةُ نَسَبِهِ عَلَى سَيِّدِهِ، فَلِتِلْكَ الْمَضَرَّةِ قِيلَ بِعَدَمِ اللُّحُوقِ (اهـ - بْن) .
قَوْلُهُ: [وَظَاهِرُهُ] إلَخْ: لَكِنَّ هَذَا الظَّاهِرَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِمَا يَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute