(أَوْ سَفَرِهِ) بِهَا: أَيْ إذَا سَافَرَ فَأَخَذَ الْوَدِيعَةَ مَعَهُ فَضَاعَتْ أَوْ تَلِفَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (إنْ وَجَدَ أَمِينًا) يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ مُفَرِّطًا بِأَخْذِهَا مَعَهُ. فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَمِينًا يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ - بِأَنْ لَمْ يَجِدْ أَمِينًا أَصْلًا، أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِأَخْذِهَا عِنْدَهُ - فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا سَافَرَ بِهَا فَتَلِفَتْ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ. (إلَّا أَنْ تُرَدَّ) بَعْدَ الِانْتِفَاعِ بِهَا أَوْ بَعْدَ سَفَرٍ بِهَا (سَالِمَةً) لِمَوْضِعِ إيدَاعِهَا ثُمَّ تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا تَفْرِيطٍ فَلَا يَضْمَنُ (وَالْقَوْلُ لَهُ) : أَيْ لِمَنْ انْتَفَعَ بِهَا أَوْ سَافَرَ بِهَا عِنْدَ وُجُودِ أَمِينٍ (فِي رَدِّهَا سَالِمَةً) لِمَحَلِّ إيدَاعِهَا إذَا خَالَفَهُ رَبُّهَا فِي ذَلِكَ وَهَذَا (إنْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ) : أَيْ بِأَنَّهُ انْتَفَعَ بِهَا أَوْ سَافَرَ. (لَا إنْ) أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَ (شَهِدَ عَلَيْهِ) بِهِ، فَادَّعَى رُجُوعَهَا سَالِمَةً لِمَحَلِّ إيدَاعِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ.
(وَحَرُمَ) عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (سَلَفٌ مُقَوَّمٌ) أُودِعَ عِنْدَهُ كَثِيَابٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
بِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّيه كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَلَامُ الشَّارِحِ فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يُوجِدْ أَمِينًا] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ، وَحَقُّ الْعِبَارَةِ بِنَاءُ الْفِعْلِ لِلْمَجْهُولِ وَرَفْعُ أَمِينًا عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: " بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَمِينًا ". أَوْ يُحْذَفُ الْوَاوُ وَيُبْنَى الْفِعْلُ لِلْفَاعِلِ وَيَبْقَى أَمِينًا عَلَى نَصْبِهِ؛ لِأَنَّ وَجَدَ كَوَعَدَ يُقَالُ فِي مُضَارِعِهِ يَجِدُ كَيَعِدُ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [عِنْدَ وُجُودِ أَمِينٍ] : أَيْ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ قَبُولِهَا.
قَوْلُهُ: [فِي رَدِّهَا سَالِمَةً] : أَيْ وَحَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ إذَا رُدَّتْ سَالِمَةً بَعْدَ انْتِفَاعِهِ بِهَا فَلِرَبِّهَا أُجْرَتُهَا إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا، هَذَا هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ (ح) فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ مِنْ إطْلَاقِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [فَادَّعَى رُجُوعَهَا سَالِمَةً] : مَفْهُومُهُ لَوْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الرُّجُوعِ سَالِمَةً أَنَّهُ يَقْبَلُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [: سَلَفٌ مُقَوَّمٌ] : حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إمَّا مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ أَوْ الْمِثْلِيَّاتِ. وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مَلِيًّا أَوْ مُعْدَمًا. فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ؛ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ حَرُمَ تَسَلُّفُهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا مُطْلَقًا كَانَ الْمُودَعُ الْمُتَسَلَّفُ لَهَا مَلِيًّا أَوْ مُعْدَمًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute