(نَوَى الْإِيَابَ) : أَيْ الرُّجُوعَ مِنْ سَفَرِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَرْجِعْهَا ضَمِنَ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِيَابَ بِأَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
(وَ) تُضْمَنُ (بِإِرْسَالِهَا) لِرَبِّهَا (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ فَضَاعَتْ أَوْ تَلِفَتْ مِنْ الرَّسُولِ، وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ هُوَ بِهَا لِرَبِّهَا بِلَا إذْنٍ فَضَاعَتْ مِنْهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
أَوْ زَالَتْ الْعَوْرَةُ. وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَلِكَ عِنْدَ رُجُوعِهِ مِنْ السَّفَرِ إنْ كَانَ قَدْ نَوَى الْإِيَابَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى الْإِيَابَ عِنْدَ سَفَرِهِ نُدِبَ لَهُ إرْجَاعُهَا فَقَطْ إذَا رَجَعَ، وَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُرْجِعْهَا وَهَلَكَتْ، إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْإِيَابُ مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَسْتَرْجِعْهَا ضَمِنَ] : فَلَوْ طَلَبهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ فَيَنْبَغِي الْقَضَاءُ بِدَفْعِهَا، لَهُ فَإِنْ حَصَلَ تَنَازُعٌ فِي نِيَّةِ الْإِيَابِ وَعَدَمِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى سَفَرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ الْإِيَابَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ الْأَوَّلِ فَيُقْضَى لَهُ بِأَخْذِهَا، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهَا عَدَمَهُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُودَعِ الثَّانِي فَلَا يُقْضَى عَلَى الْأَوَّلِ بِأَخْذِهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضْمَنُهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَصَارَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالثَّانِي.
قَوْلُهُ: [وَتُضْمَنُ بِإِرْسَالِهَا] : يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَنْ أُودِعَتْ مَعَهُ وَدِيعَةٌ يُوصِلُهَا لِبَلَدٍ فَعَرَضَتْ لَهُ إقَامَةٌ طَوِيلَةٌ فِي الطَّرِيقِ كَالسَّنَةِ فَلَهُ أَنْ يَبْعَثَهَا مَعَ غَيْرِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَتْ؛ لِأَنَّ بَعْثَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ وَيَضْمَنُهَا إنْ حَبَسَهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ الَّتِي عَرَضَتْ لَهُ قَصِيرَةً كَالْأَيَّامِ فَالْوَاجِبُ إبْقَاؤُهَا مَعَهُ، فَإِنْ بَعَثَهَا ضَمِنَهَا إنْ تَلِفَتْ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مُتَوَسِّطَةً كَالشَّهْرَيْنِ خُيِّرَ فِي إرْسَالِهَا وَإِبْقَائِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ، هَذَا مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا فِي (ح) كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ هُوَ بِهَا لِرَبِّهَا] : مِثْلَ ذَهَابِهِ بِهَا فِي الضَّمَانِ وَصِيُّ رَبِّ الْمَالِ يَبْعَثُ الْمَالَ لِلْوَرَثَةِ أَوْ يُسَافِرُ هُوَ بِهِ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِمْ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا ضَاعَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُدَوَّنَةِ، خِلَافًا لِمَا فِي كَثِيرِ الْخَرَشِيِّ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ. وَكَذَا الْقَاضِي يَبْعَثُ الْمَالَ لِمُسْتَحِقِّهِ مِنْ وَرَثَةٍ أَوْ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute