{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ بِمِثْلِ حَقِّهِ (إنْ أَمِنَ) الْآخِذُ (الرَّذِيلَةَ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخِيَانَةِ (وَ) أَمِنَ (الْعُقُوبَةَ) عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْأَعْرَاضِ وَالْجَوَارِحِ وَاجِبٌ (عَلَى الْأَرْجَحِ) مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» . (وَالتَّرْكُ) لِلْأَخْذِ مِنْهَا (أَسْلَمُ) : أَيْ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِقَدْرِ حَقِّهِ لِلنَّفْسِ وَالدِّينِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابٌ فِي الْإِعَارَةِ وَأَحْكَامِهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
مِثْلِهَا فِي الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالصِّفَةِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْقِيمَةِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمِنَ الْعُقُوبَةَ عَلَى نَفْسِهِ] : أَيْ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَوْرِ.
قَوْلُهُ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَك» إلَخْ: أَجَابَ ابْنُ رُشْدٍ مُؤَيِّدًا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى " وَلَا تَخُنْ " إلَخْ أَيْ: لَا تَأْخُذْ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّك فَتَكُنْ خَائِنًا، وَأَمَّا مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ فَلَيْسَ بِخَائِنٍ.
قَوْلُهُ: [وَالتَّرْكُ لِلْأَخْذِ مِنْهَا أَسْلَمُ] : أَيْ؛ لِأَنَّ فِي الْأَخْذِ رِيبَةً وَفِي الْحَدِيثِ: «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا يَرِيبُك» .
تَتِمَّةٌ: إنْ تَنَازَعَ الْوَدِيعَةَ شَخْصَانِ فَقَالَ الْمُودَعُ - بِالْفَتْحِ - هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيته قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا، وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَإِنْ أَوْدَعَ شَخْصَيْنِ وَغَابَ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ وَتَنَازَعَا فِيمَنْ تَكُونُ عِنْدَهُ جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ إنْ فَرَّطَ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْعَدَالَةِ قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا إنْ قَبِلَتْ الْقَسْمَ وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute