فَإِنْ أَعْسَرَ كَمَا أَعْسَرَ الْغَاصِبُ اتَّبَعَ أَوَّلَهُمَا يَسَارًا، وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَلَامُنَا أَتَمُّ مِنْ كَلَامِهِ.
وَأَمَّا مَنْ غَصَبَ حَيَوَانًا فَذَبَحَهُ، فَهَلْ الذَّبْحُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ؟ وَهُوَ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَرَجَّحَ، وَعَلَيْهِ فَلِرَبِّهَا تَغْرِيمُهُ الْقِيمَةَ أَوْ أَخْذُهَا مَذْبُوحَةً دُونَ أَرْشِ مَا نَقَصَهَا الذَّبْحُ، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّ مَنْ غَصَبَ قَمْحًا فَطَحَنَهُ فَهُوَ مُفَوِّتٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْقَمْحِ، وَمَنْ أَكَلَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ فَوْتِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَهَلْ يَجُوزُ بَعْدَ الْفَوَاتِ الْأَكْلُ مِنْهُ؟ الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ؛ وَلِذَا أَفْتَى بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بِجَوَازِ الشِّرَاءِ مِنْ لَحْمِ الْأَغْنَامِ الْمَغْصُوبَةِ إذَا بَاعَهَا الْغَاصِبُ لِلْجَزَّارِينَ فَذَبَحُوهَا لِأَنَّهُ بِذَبْحِهَا تَرَتَّبَتْ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
عَلَى تَضْمِينِهِ ".
قَوْلُهُ [فَإِنْ أَعْسَرَ] : أَيْ الْآكِلُ، وَهُوَ مُحْتَرَزُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضْمِينِ الْآكِلِ حَيْثُ كَانَ مَلِيًّا وَالْغَاصِبُ مُعْدِمٌ.
قَوْلُهُ: [وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ] : أَمَّا إنْ كَانَ الْأَخْذُ مِنْ الْغَاصِبِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآكِلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْغَصْبِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَخْذُ مِنْ الْآكِلِ فَحَيْثُ أَكَلَ الْجَمِيعَ أَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ وَإِنْ أَكَلَ الْبَعْضَ فَبِقَدْرِ أَكْلِهِ.
قَوْلُهُ: [أَتَمَّ مِنْ كَلَامِهِ] : أَيْ لِأَنَّ كَلَامَ خَلِيلٍ مُجْمَلٌ، فَإِنَّهُ قَالَ أَوْ أَكَلَ بِلَا عِلْمٍ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا مَنْ غَصَبَ حَيَوَانًا] : مُحْتَرَزُ قَوْلُهُ: " وَأَكَلَ مِنْ طَعَامٍ مَغْصُوبٍ عَلِمَ " فَإِنَّ مَوْضُوعَ مَا تَقَدَّمَ طَعَامٌ أَكَلَهُ الْغَاصِبُ وَمَنْ مَعَهُ بِهَيْئَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا عِنْدَ رَبِّهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ أَخْذُهَا مَذْبُوحَةً] إلَخْ: وَخِيَرَتُهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ.
قَوْلُهُ: [وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَنْ غَصَبَ قَمْحًا] إلَخْ: هَذَا يُعَيِّنُ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الطَّعَامَ الْمُتَقَدِّمَ أُكِلَ بِالْهَيْئَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا عِنْدَ صَاحِبِهِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ] : أَيْ لِكَوْنِ الْحَرَامِ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتَيْنِ.
قَوْلُهُ: [الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ] : أَيْ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ نَاجِي تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمِعْيَارِ، وَلَوْ عَلِمَ الْآكِلُ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَدْفَعُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْعِوَضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute