للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَا أَنْفَقَ) الْغَاصِبُ عَلَى الْمَغْصُوبِ؛ كَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَمُؤْنَةِ الْعَبْدِ وَكِسْوَتِهِ وَسَقْيِ الْأَرْضِ وَعِلَاجِهَا وَخِدْمَةِ شَجَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا بُدَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (فَفِي الْغَلَّةِ) : أَيْ يَكُونُ فِي نَظِيرِ الْغَلَّةِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا الْغَاصِبُ مِنْ يَدِ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ ظَلَمَ لَا يُظْلَمُ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَاضِحٌ، وَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْغَلَّةِ فَلَا رُجُوعَ لِلْغَاصِبِ بِالزَّائِدِ. كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا غَلَّةَ لِلْمَغْصُوبِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالنَّفَقَةِ لِظُلْمِهِ وَإِنْ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى النَّفَقَةِ فَلِرَبِّهِ الرُّجُوعُ بِزَائِدِهَا.

(وَلَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْمَغْصُوبِ (تَضْمِينُهُ) : أَيْ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ (إنْ وَجَدَهُ) : أَيْ وَجَدَ الْغَاصِبَ (فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) : أَيْ غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ، بِأَنْ وَجَدَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ (بِغَيْرِهِ) : أَيْ بِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ. وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى أَنْ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ الْإِصْلَاحِ بِمَا يُؤَاجِرُ بِهِ لِمَنْ يُصْلِحُهُ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ وَالزَّائِدُ لَهُ، كَمَرْكَبٍ نَخِرٍ يَحْتَاجُ لِإِصْلَاحٍ غَصَبَهُ شَخْصٌ فَرَمَّهُ وَأَصْلَحَهُ وَاسْتَعْمَلَهُ، فَيَنْظُرُ فِيمَا كَانَ يُؤَاجِرُ بِهِ لِمَنْ يُصْلِحُهُ فَيَغْرَمُهُ الْغَاصِبُ وَالزَّائِدُ لَهُ بِأَنْ يُقَالَ كَمْ تُسَاوِي أُجْرَتُهُ نَخِرًا لِمَنْ يَعْمُرُهُ وَيَسْتَغِلُّهُ؟ فَمَا قِيلَ لَزِمَ الْغَاصِبَ، فَإِذَا أَخَذَ الْمَالِكُ الْمَرْكَبَ قَضَى لَهُ بِأَخْذِ مَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ لَوْ انْفَصَلَ كَالْقُلْفُطَةِ، وَأَمَّا مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَإِنْ كَانَ مُسَمَّرًا بِهَا أَوْ هُوَ نَفْسُ الْمَسَامِيرِ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوصًا وَبَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَطْعِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسَمَّرٍ - كَالصَّوَارِي وَالْمَجَادِيفِ وَالْحِبَالِ - خُيِّرَ الْغَاصِبُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا وَأَخْذِ قِيمَتِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَا غِنَى وَلَا يُمْكِنُ سَيْرُهَا لِمَحَلِّ أَمْنِهِ إلَّا بِهَا فَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَرْكَبِ بَيْنَ دَفْعِهِ قِيمَتَهُ بِمَوْضِعِهِ كَيْفَ كَانَ أَوْ يُسَلِّمُهُ لِلْغَاصِبِ (اهـ مِنْ الْأَصْلِ) .

قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ وَإِنْ ظَلَمَ لَا يُظْلَمُ] : أَيْ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَ وَالْغَلَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ أَقَلَّ مِنْ الْغَلَّةِ غَرِمَ زَائِدَ الْغَلَّةِ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ أَكْثَرَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا فَلَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا لِلْآخَرِ شَيْءٌ. قَالَ (بْن) : مَحَلُّ كَوْنِ الْغَاصِبِ لَهُ مَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ مَا أَنْفَقَهُ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بُدٌّ؛ كَطَعَامِ الْعَبْدِ وَكِسْوَتِهِ وَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَالرَّعْيِ وَسَقْيِ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الْمَالِكُ يَسْتَأْجِرُ لَهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ عِنْدَهُ مِنْ الْعَبِيدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. كَمَا قَالَهُ أَصْبَغُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>