للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كُلٌّ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ أَوْ مَوْهُوبِهِ، إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَوْهُوبِ فِي الضَّمَانِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْغَاصِبِ. وَلَا يَتَأَتَّى فِي وَارِثِهِ تَبْدِئَةٌ بِغَاصِبٍ لِمَوْتِهِ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْوَارِثَ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَمِنْهَا الْمَغْصُوبُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ضَمِيرَ " غَيْرِهِ " فِي قَوْلِهِ: " خِلَافَ غَيْرِهِ " يَعُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي: أَيْ فَالْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي؛ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي مِنْ وَارِثٍ وَمَوْهُوبٍ فَإِنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْغَصْبِ.

أَمَّا الْوَارِثُ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ مَاتَ الْغَاصِبُ وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِيرَاثًا فَاسْتَغَلَّهَا وَلَدُهُ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَغَلَّتُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ اتِّفَاقًا (اهـ) . وَسَوَاءٌ انْتَفَعَ لِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَى لِغَيْرِهِ. وَأَمَّا مَوْهُوبُ الْغَاصِبِ فَلَا غَلَّةَ لَهُ إذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا وَإِذَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ. وَأَمَّا لَوْ تَيَسَّرَ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ أُخِذَتْ مِنْهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: " لَكِنْ يَبْدَأُ بِالْغَاصِبِ " إلَخْ؛ فَقَوْلُنَا: " بِخِلَافِ غَيْرِهِ " إلَخْ مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ.

وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ وَوَارِثَهُ وَمَوْهُوبَهُ؛ إنْ عَلِمُوا بِالْغَصْبِ فَغُصَّابٌ يَجْرِي فِيهِمْ جَمِيعُ مَا جَرَى فِيهِ حَتَّى قَوْلُهُ: " وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَلَفِهِ " إلَخْ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ضَمِيرَ غَيْرِهِ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْأَحْسَنُ، فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فِي الْحَلِّ مَعَ الْحَاصِلِ الْآتِي وَيُتْرَكُ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ تَعْقِيدٌ وَتَكْرَارٌ لَا يَخْفَى.

قَوْلُهُ: [فَلَا غَلَّةَ لَهُ] إلَخْ: الْأَوْضَحُ فِي الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: وَأَمَّا مَوْهُوبُ الْغَاصِبِ فَلَا يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ إذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، إلَى آخِرِ مَا قَالَ.

قَوْلُهُ: [وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ] : أَيْ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَفُوزُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْغَلَّةِ.

قَوْلُهُ: [مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ] : أَيْ الْمُحْتَمِلِ لِمَعْنَيَيْنِ عَلَى حَدِّ سَوَاءٍ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

خَاطَ لِي عَمْرٌو قُبَاءْ ... لَيْتَ عَيْنَيْهِ سَوَاءْ

وَالْحَالُ أَنَّ عَمْرًا كَانَ أَعْوَرَ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَوْلَى فِي الِاحْتِمَالَيْنِ الثَّانِي.

قَوْلُهُ: [وَوَارِثَهُ وَمَوْهُوبَهُ] : بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الْمُشْتَرِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>