لِلْمُسْتَحِقِّ؛ إمَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ أَوْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ. (وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ (فَكِرَاءُ سَنَةٍ) يَلْزَمُ الْمُعْتَدِي، وَلَيْسَ لِرَبِّهَا كَلَامٌ وَالزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ. هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَقِيلَ: لِلْمُسْتَحِقِّ قَلْعُهُ أَيْضًا وَأَخْذُ أَرْضِهِ كَمَا إذَا لَمْ يَفُتْ وَقْتُ الْإِبَّانِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَوْ طَابَ وَحَصِدَ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَكُلٌّ مِنْ الْأَقْوَالِ رُجِّحَ. وَرَجَّحَ الشَّيْخُ الْأَوَّلَ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ.
وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْكِرَاءِ وَتَبْقِيَةِ الزَّرْعِ لِزَارِعِهِ قَوْلَهُ: (كَأَنْ اُسْتُحِقَّتْ) : الْأَرْضُ الَّتِي زُرِعَتْ (مِنْ ذِي شُبْهَةٍ) : كَوَارِثٍ أَوْ مُشْتَرٍ أَوْ مُكْتَرٍ مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ أَوْ مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِالْغَصْبِ (أَوْ) مِنْ (مَجْهُولٍ) لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مُتَعَدٍّ أَوْ لَا، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْعَدَاءِ فَاسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا (قَبْلَ فَوَاتِ الْإِبَّانِ) : فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا كِرَاءُ تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الزَّارِعَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ، فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الزَّارِعِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ أَوْ الْمَجْهُولِ لِلْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي.
(فَإِنْ حَرَثَ) الْأَرْضَ ذُو الشُّبْهَةِ وَلَمْ يَزْرَعْ فَاسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا (أَخَذَهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَمَّا مَكَّنَهُ الشَّرْعُ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا شَيْءٍ فَإِبْقَاؤُهُ لِزَارِعِهِ بِكِرَاءٍ كَانَ ذَلِكَ الْكِرَاءُ عِوَضًا عَنْهُ فَهُوَ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ.
قَوْلُهُ: [وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ] : قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِرَاءِ الْأَرَضِينَ.
قَوْلُهُ: [فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الزَّارِعِ شَيْءٌ] : أَيْ فِي غَيْرِ وَارِثِ الْغَاصِبِ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: " بِخِلَافِ وَارِثِ غَاصِبٍ مُطْلَقًا "؛ فَتَعْمِيمُ الشَّارِحِ فِي أَوَّلِ الْحَلِّ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ قَلْعِ الزَّرْعِ وَلُزُومِ كِرَاءِ السَّنَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغَلَّةِ فَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ حَرَثَ الْأَرْضَ ذُو الشُّبْهَةِ] : أَيْ وَالْمَجْهُولُ بِدَلِيلِ، مَا يَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute