كَانَ مَا أَخَذَ بِهِ (أَقَلَّ) ثَمَنًا، فَلَوْ بَاعَهُ الْأَوَّلُ بِعَشْرَةٍ وَالثَّانِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا أَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لَهُ عَشْرَةً (ثُمَّ يَرْجِعُ) مَنْ أَخَذَ مِنْهُ (بِالزَّائِدِ لَهُ) وَهُوَ الْخَمْسَةُ (عَلَى بَائِعِهِ) يَقُولُ لَهُ: دَفَعْتُ لَك ثَمَنَ الشِّقْصِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَخَذْتُ مِنْ الشَّفِيعِ عَشْرَةً فَرُدَّ لِي الْخَمْسَةَ (كَمَا يَرُدُّ) مَنْ أُخِذَ الشِّقْصُ مِنْهُ (مَا زَادَ) عَلَى مَا غَرِمَهُ (إنْ كَانَ) الثَّمَنُ الَّذِي دُفِعَ لَهُ (أَكْثَرَ) مِمَّا اشْتَرَى بِهِ.
كَعَكْسِ الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ؛ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْأَوَّلُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَبَاعَهُ الثَّانِي بِعَشْرَةٍ، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِلثَّانِي لِكَوْنِهِ أَخَذَ مِنْ يَدِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَأْخُذُ مِنْهَا لِنَفْسِهِ عَشْرَةً الَّتِي دَفَعَهَا لِبَائِعِهِ وَيَرُدُّ لَهُ مَا زَادَ وَهُوَ الْخَمْسَةُ؛ فَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ فِي هَذَا الْمِثَالِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي دَفَعَ لَهُ الْعَشَرَةَ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا لَوْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَدْفَعُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ لِمَنْ أَخَذَ الشِّقْصَ مِنْ يَدِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَوْ أَخَذَ بِبَيْعِ غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ) : أَيْ مَا بَعْدَ الْبَيْعِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ. وَمَعْنَى نَقْضِهِ: تَرَاجُعُ الْأَثْمَانِ وَيَثْبُتُ مَا قَبْلَهُ اتَّفَقَتْ الْأَثْمَانُ أَوْ اخْتَلَفَتْ. فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَخِيرِ ثَبَتَتْ الْبِيَاعَاتِ كُلُّهَا وَلَا تُرَاجَعَ، وَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ نَقَضَ جَمِيعَ مَا بَعْدَهُ وَإِنْ أَخَذَ: بِالْوَسَطِ ثَبَتَ مَا قَبْلَهُ وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ. فَإِنْ اتَّفَقَتْ الْأَثْمَانُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَوَجْهُ التَّرَاجُعِ مَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
بَيْعٍ شَاءَ إذَا تَعَدَّدَتْ الْبِيَاعَاتِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدُّدِهَا أَوْ عَلِمَ وَهُوَ غَائِبٌ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِهَا وَكَانَ حَاضِرًا فَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِتَعَدُّدِ الْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِشَرِكَةِ مَا عَدَا الْأَخِيرَ.
قَوْلُهُ: [كَمَا لَوْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ] : أَيْ أَوْ الْأَثْمَانُ.
قَوْلُهُ: [وَثَبَتَ مَا قَبْلَهُ] : أَيْ مِنْ الْبِيَاعَاتِ بِإِجَازَةِ الشَّفِيعِ لَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا تَدَاوَلَ الشَّيْءَ الْمُسْتَحَقَّ الْأَمْلَاكُ، فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَجَازَ بَيْعًا صَحَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْبِيَاعَاتِ، وَنُقِضَ مَا قَبْلَهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَجَازَ بَيْعًا أَخَذَ ثَمَنَهُ، وَسَلَّمَ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ فَمَضَى مَا انْبَنَى عَلَى مَا أَجَازَهُ، وَأَمَّا الشَّفِيعُ إذَا اعْتَبَرَ بَيْعًا وَعَوَّلَ عَلَيْهِ أَخَذَ نَفْسَ الشِّقْصِ لِنَفْسِهِ فَنَقْضُ مَا بَعْدَهُ ظَاهِرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute