فَاسْتِحَاضَةٌ لَا حَيْضٌ. وَحُكْمُ الْمُلَفِّقَةِ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ وُجُوبًا، كُلَّمَا انْقَطَعَ دَمُهَا وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَتُوطَأُ.
(فَإِنْ مَيَّزَتْ بَعْدَ طُهْرٍ تَمَّ فَحَيْضٌ، فَإِنْ دَامَ بِصِفَةِ التَّمْيِيزِ اسْتَظْهَرَتْ، وَإِلَّا فَلَا) : يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ - وَهِيَ مَنْ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ تَمَامِ حَيْضِهَا بِتَلْفِيقٍ أَوْ بِغَيْرِ تَلْفِيقٍ - إذَا مَيَّزَتْ الدَّمَ بِتَغَيُّرِ رَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِقَّةٍ أَوْ ثِخَنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ طُهْرٍ - أَيْ نِصْفِ شَهْرٍ - فَذَلِكَ الدَّمُ الْمُمَيَّزُ حَيْضٌ لَا اسْتِحَاضَةٌ. فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِصِفَةِ التَّمَيُّزِ اسْتَظْهَرَتْ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَا لَمْ تُجَاوِزْ نِصْفَ شَهْرٍ، ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ. وَإِلَّا - بِأَنْ لَمْ يَدُمْ بِصِفَةِ التَّمَيُّزِ بِأَنْ رَجَعَ لِأَصْلِهِ - مَكَثَتْ عَادَتَهَا فَقَطْ، وَلَا اسْتِظْهَارَ. هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الشَّيْخِ.
(وَعَلَامَةُ الطُّهْرِ جُفُوفٌ أَوْ قُصَّةٌ - وَهِيَ أَبْلَغُ - فَتَنْتَظِرُهَا مُعْتَادَتُهُمَا لِآخِرِ الْمُخْتَارِ -
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كُلَّمَا انْقَطَعَ] : أَيْ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي هَلْ يُعَاوِدُهَا أَمْ لَا، إلَّا أَنْ تَظُنَّ أَنَّهُ يُعَاوِدُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّذِي هِيَ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ ضَرُورِيًّا أَوْ اخْتِيَارِيًّا فَلَا تُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِ (عب) . وَقَوْلُ الْأَصْلِ فَلَا تُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ، فَإِنْ اغْتَسَلَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَصَلَّتْ وَلَمْ يَأْتِهَا دَمٌ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَهَلْ يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ وَهَذَا إذَا جَزَمَتْ النِّيَّةَ. فَإِنْ تَرَدَّدَتْ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ. وَالْمُسْتَحْسَنُ مِنْ كَلَامِ الْأَشْيَاخِ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَيْهَا إنْ لَمْ تَعْلَمْ عَوْدَةً فِي الْوَقْتِ الَّذِي هِيَ فِيهِ، فَلَوْ كَانَتْ بِالِاخْتِيَارِيِّ وَعَلِمَتْ عَوْدَهُ فِي الضَّرُورِيِّ اغْتَسَلَتْ، كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ وَفِي (بْن) : أَنَّهَا لَا تُؤَخِّرُ رَجَاءَ الْحَيْضِ. (اهـ. مِنْ الْمَجْمُوعِ) .
قَوْلُهُ: [حَيْضٌ] : أَيْ اتِّفَاقًا فِي الْعِبَادَةِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْعِدَّةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجَشَونِ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي الْعِدَّةِ.
قَوْلُهُ: [هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ] : أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الِاسْتِظْهَارِ، لِأَنَّ الِاسْتِظْهَارَ فِي غَيْرِهَا لِرَجَاءِ انْقِطَاعِ الدَّمِ، وَهَذِهِ قَدْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِمْرَارُهُ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، حَيْثُ قَالَ بِاسْتِظْهَارِهَا عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا. وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: [فَإِنْ مَيَّزَتْ بِعَدَمِ طُهْرٍ تَمَّ] : أَنَّهَا إذَا لَمْ تُمَيِّزْ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ أَبَدًا، وَبِحُكْمٍ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا طَاهِرٌ وَلَوْ مَكَثَتْ طُولَ عُمُرِهَا، وَتَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِدَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute