وَإِلَّا فَلِكُلٍّ الْفَسْخُ مَتَى شَاءَ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الزَّمَنِ كَشَهْرٍ وَشَهْرٍ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ عَدَمِ طُولِ الزَّمَنِ فِي الْحَيَوَانِ بِقَوْلِهِ: (كَخِدْمَةِ عَبْدٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ) فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ يَوْمًا أَوْ جُمُعَةً بَلْ (وَلَوْ كَشَهْرٍ) لَا أَكْثَرَ، لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ بِخِلَافِ الْعَقَارِ (وَسُكْنَى دَارٍ) يَسْكُنُهَا كُلٌّ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (وَزَرْعِ أَرْضٍ) مَأْمُونَةٍ بَيْنَهُمَا يَزْرَعُهُمَا كُلٌّ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (وَلَوْ سِنِينَ) كَثِيرَةً، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهَا مُهَايَأَةً؛ لِأَنَّهَا كَالْإِجَارَةِ يُمْنَعُ فِيهَا الْغَرَرُ، فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَهَا تَعْيِينُ الزَّمَنِ وَانْتِفَاءُ الْغَرَرِ. وَلِذَا لَمْ يَجُزْ طُولُ الزَّمَنِ فِي الْحَيَوَانِ وَنَحْوِهِ كَالثَّوْبِ، وَلَمْ يَجُزْ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ الْغَيْرِ الْمَأْمُونَةِ. وَهِيَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ وَقَعَتْ صَحِيحَةً إلَّا بِرِضَاهُمَا أَوْ رِضَاهُمْ إنْ كَانُوا جَمَاعَةً، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(وَلَزِمَتْ) وَقَوْلُهُ (كَالْإِجَارَةِ) : أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ وَاللُّزُومِ.
وَشَرْطُهَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ فِي مَنْفَعَةٍ كَرُكُوبٍ وَسُكْنَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِهَا. (لَا) فِي (غَلَّةٍ) : أَيْ كِرَاءً، كَأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمَا كِرَاءَ الدَّابَّةِ أَوْ الدَّارِ مُدَّةً
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالْمُتَعَدِّدِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ فَسَدَتْ فِي الْمُتَّحِدِ اتِّفَاقًا وَفِي الْمُتَعَدِّدِ خِلَافٌ، فَابْنُ الْحَاجِبِ يَقُولُ بِصِحَّتِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ، وَابْنُ عَرَفَةَ يَقُولُ بِفَسَادِهَا.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ] : أَيْ وَلِأَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا هُنَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ إجَارَةُ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ لَا يَجُوزُ فِي الْمُهَايَأَةِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ.
قَوْلُهُ: [يَزْرَعُهُمَا] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلَّفِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَالْمُنَاسِبُ إفْرَادُ الضَّمِيرِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ وَاللُّزُومِ] : الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي اللُّزُومِ عِنْدَ تَعْيِينِ الزَّمَنِ.
قَوْلُهُ: [لَا فِي غَلَّةٍ] : مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَشَرْطُهَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ فِي مَنْفَعَةٍ إلَخْ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا فِي غَلَّةٍ اللَّبَنُ. فَيَجُوزُ إنْ حَصَلَ فَضْلٌ بَيِّنٌ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute