وَالْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ " وَأَفْرَدَ شَجَرَ كُلِّ صِنْفٍ " قِسْمَةُ الشَّجَرِ؛ لِأَنَّهَا حَائِطٌ وَالْأَرْضُ تَبَعٌ لَهُ.
ثُمَّ شَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَمْعِ قَوْلُهُ: (كَالدُّورِ) : أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُهَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ. فَإِذَا مَاتَ عَنْ دَارَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي أَمْكِنَةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ قَسْمُ كُلِّ دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ هَذِهِ الدَّارُ فِي مُقَابَلَةِ الْأُخْرَى بِالْقِيمَةِ، ثُمَّ يُقْرَعُ بِشَرْطَيْنِ أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ: (إنْ تَقَارَبَا كَمِيلٍ) : أَوْ مِيلَيْنِ، وَبِحَيْثُ يَكُونُ الْمِيلُ أَوْ الْمِيلَانِ جَامِعًا لِأَمْكِنَتِهِمَا حَتَّى يَصِحَّ ضَمُّ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ فِي الْقِسْمَةِ. فَإِنْ تَبَاعَدَتْ لَمْ يَجُزْ جَمْعُهَا، بَلْ يَتَعَيَّنُ قَسْمُ كُلِّ دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا؛ لِأَنَّ شَأْنَ التَّبَاعُدِ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مِنْ الْمِيلَيْنِ يُؤَدِّي إلَى كَوْنِهَا فِي بَلَدَيْنِ أَوْ بَلَدٍ كَبِيرَةٍ إحْدَاهُمَا فِي الْوَسَطِ وَالْأُخْرَى فِي طَرَفِهَا وَهَذَا مَانِعٌ مِنْ الْجَمْعِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَتَسَاوَتْ) الدُّورُ قِيمَةً وَ (رَغْبَةً) لَا إنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
مُفَرَّقٌ، وَإِلَّا فَلَا يُفْرَدُ الشَّجَرُ عَنْ الْأَرْضِ فِي الْقِسْمَةِ، بَلْ تُقْسَمُ الْأَرْضُ مَعَ الشَّجَرِ. وَالتَّعْوِيلُ عَلَى قِسْمَةِ الْأَرْضِ، وَالشَّجَرُ تَابِعٌ لَهَا.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهَا حَائِطٌ] : أَيْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا حَائِطٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ
قَوْلِهِ: أَوْ أَرْضًا تَفَرَّقَ شَجَرُهَا فَإِنَّ الْمَقْسُومَ أَرْضٌ فِيهَا شَجَرٌ مُفَرَّقٌ.
قَوْلُهُ: [إنْ تَقَارَبَا كَمِيلٍ] : ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ فِي التَّوْضِيحِ فِي الدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ، وَقَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَاعْتَرَضَهُ ر بِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تَجْعَلْ الْمِيلَ حَدًّا لِلْقُرْبِ إلَّا فِي الْأَرَضِينَ وَالْحَوَائِطِ، وَأَمَّا الدُّورُ فَقَالَتْ فِيهَا: وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الدُّورِ مَسَافَةُ الْيَوْمَيْنِ وَالْيَوْمِ لَمْ يُجْمَعْ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [وَرَغْبَةً] : الْمُرَادُ بِالرَّغْبَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَغْبَةُ الشُّرَكَاءِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسَاوِي الدُّورِ فِي الْقِيمَةِ اتِّفَاقُ الشُّرَكَاءِ فِي الرَّغْبَةِ فِيهَا فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْقِيمَةَ تَابِعَةٌ لِلرَّغْبَةِ، الْمُرَادُ رَغْبَةُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالتَّقْوِيمِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِ الْقِيمَةِ اتِّحَادُ الرَّغْبَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute