للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) لَوْ وَقَعَ الْقِرَاضُ بِدَيْنٍ عَلَى الْعَامِلِ، بِأَنْ قَالَ رَبُّهُ: اجْعَلْ مَا عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا كَذَا (اسْتَمَرَّ) الدَّيْنُ (دَيْنًا) عَلَى الْعَامِلِ يَضْمَنُهُ لِرَبِّهِ وَيَخْتَصُّ الْعَامِلُ بِالرِّبْحِ وَعَلَيْهِ الْخُسْرُ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُمَا (إلَّا أَنْ يُقْبَضَ) الدَّيْنُ: بِأَنْ يَقْبِضَهُ رَبُّهُ مِنْ الْمَدِينِ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى أَنَّهُ قِرَاضٌ وَلَوْ بِالْقُرْبِ (أَوْ يُحْضَرَ) لِرَبِّهِ. (وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ) بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ: عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي أَحْضَرَ هُوَ مَا عَلَيَّ مِنْ دَيْنٍ لِفُلَانٍ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ لَهُ رَبُّهُ قِرَاضًا، فَيَجُوزُ. وَكَذَا الرَّهْنُ الْوَدِيعَةُ إذَا قُبِضَا أَوْ أُحْضِرَا مَعَ الْإِشْهَادِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهُمَا قِرَاضًا بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُقْبَضَا وَلَمْ يُحْضَرَا وَقَالَ رَبُّهُمَا لَهُ: اتَّجِرْ بِمَا عِنْدَك مِنْ رَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا كَذَا قِرَاضًا، فَالرِّبْحُ لِرَبِّهِمَا وَعَلَيْهِ الْخُسْرُ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ. وَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ أَنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ إذَا اتَّجَرَ فِي الْوَدِيعَةِ فَالرِّبْحُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ، فَذَاكَ فِيمَا إذَا اتَّجَرَ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا، وَهُنَا أَذِنَ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَلَا عِبْرَةَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُمَا] : أَيْ لَا يُعْتَبَرُ عَقْدُ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا.

قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ] : أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إشْهَادٍ.

قَوْلُهُ: [أَنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي أَحْضَرَ] : أَيْ مَعَ عِلْمِ الشُّهُودِ بِقَدْرِهِ، وَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ بِهَذَا الْإِحْضَارِ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى الْأَمَانَةِ.

قَوْلُهُ: [بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ عَلَى الدَّيْنِ] : أَيْ لِأَنَّ الْقَبْضَ أَوْ الْإِحْضَارَ وَالْإِشْهَادَ كَافٍ فِي الدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ، فَكِفَايَةُ مَا ذَكَرَ فِيمَا لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ أَوْلَى، فَهُوَ قِيَاسٌ أَحْرَوِيٌّ.

قَوْلُهُ: [فَالرِّبْحُ لِرَبِّهِمَا] إلَخْ: إنْ قُلْتَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ تِجَارَتِهِ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ، حَيْثُ جَعَلْتُمْ الرِّبْحَ وَالْخُسْرَ لِلْعَامِلِ فِي الْأَوَّلِ وَلِرَبِّ الْمَالِ فِي الثَّانِي؟ قُلْتُ: إنَّ الدَّيْنَ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ ذِمَّةِ الْعَامِلِ وَمَنْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ لَهُ الْغُنْمُ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهِمَا عَدَمُ الضَّمَانِ لِمَنْ هُمَا بِيَدِهِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: [وَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ] : أَيْ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ صَارَتْ دَيْنًا حَيْثُ اتَّجَرَ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا فَحُكْمُهَا حُكْمُ التِّجَارَةِ فِي الدَّيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>