بِالْأَهْلِ: الزَّوْجَةُ، لَا الْأَقَارِبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِسَفَرِهِ لَهُمْ صِلَةَ الرَّحِمِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ. وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِنَا: " وَكَحَجٍّ " أَيْ: لَا إنْ سَافَرَ لِزَوْجَةٍ بِبَلَدٍ وَلَا إنْ سَافَرَ لِقُرْبَةٍ كَحَجٍّ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ الشَّرْطِ الثَّانِي أَيْ قَوْلُنَا: " لِلتِّجَارَةِ ". وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِنْفَاقُ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَمَا كَانَ لِلَّهِ لَا يُشْرَكُ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: " مَا لَمْ يَبْنِ بِزَوْجَةٍ " وَمِنْ قَوْلِهِ: " لَا لِأَهْلٍ "، أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ لِلتِّجَارَةِ بِزَوْجَتِهِ أَنَّ لَهُ النَّفَقَةَ أَيْ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطْ فِي سَفَرِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا. وَأَمَّا فِي إقَامَتِهِ مَعَهَا فِي بَلَدِ التِّجَارَةِ، فَهَلْ لَهُ النَّفَقَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ دَوَامَهُ مَعَهَا لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ أَمْ لَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَنَى بِهَا فِي هَذَا الْبَلَدِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ، ثُمَّ إنَّ كُلَّ مَنْ سَافَرَ لِقُرْبَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي رُجُوعِهِ بِبَلَدٍ لَا قُرْبَةَ بِهِ، بِخِلَافِ مَنْ سَافَرَ لِزَوْجَتِهِ فَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدٍ لَيْسَ بِهِ أَهْلٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْقُرْبَةِ قُرْبَةٌ وَلَا كَذَلِكَ الرُّجُوعُ مِنْ عِنْدِ الْأَهْلِ. وَقَوْلُنَا: " وَأَنْفَقَ مِنْهُ " فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ النَّفَقَةَ تَكُونُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ، حَتَّى لَوْ ضَاعَ الْمَالُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى رَبِّهِ شَيْءٌ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ: فِي الْمَالِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا الْأَقَارِبُ] : أَيْ فَالْأَقَارِبُ غَيْرُ الزَّوْجَةِ - مِنْ أُمٍّ وَأَبٍ وَنَحْوِهِمَا - إنْ كَانَ قَاصِدًا بَلَدَهُمْ لِلتِّجَارَةِ لَا لِلصِّلَةِ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ مِنْ الْمَالِ. بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْحَجِّ وَالْغَزْوِ، وَمَتَى قَصَدَ مَا ذُكِرَ فَلَا يُنْفِقُ وَلَوْ قَاصِدًا مَعَهُ التِّجَارَةَ.
قَوْلُهُ: [وَمَا كَانَ لِلَّهِ لَا يُشْرَكُ مَعَهُ غَيْرُهُ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَابِعًا أَوْ مَتْبُوعًا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ لَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّفَرِ لِلزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ مَخْلُوقٍ لَا لِلَّهِ.
قَوْلُهُ: [أَمْ لَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَنَى بِهَا] إلَخْ: أَيْ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَنَى بِزَوْجَةٍ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ] : أَيْ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: [لَيْسَ بِهِ أَهْلٌ] : أَيْ زَوْجَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَلَا كَذَلِكَ الرُّجُوعُ مِنْ عِنْدِ الْأَهْلِ] : أَيْ فَلَا يُقَالُ لَهُ قُرْبَةٌ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ مَخْلُوقٍ. قَالَ الْخَرَشِيُّ: فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ سَافَرَ لِبَلَدٍ وَمَرَّ بِمَكَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute