ثُمَّ بَيَّنَ مُحْتَرَزَ بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقُيُودِ بِقَوْلِهِ: (لَا نَحْوِ تُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ) مِنْ سَائِرِ الرَّيَاحِينِ وَهَذَا مُحْتَرَزُ " تَتَقَوَّمُ ". (أَوْ دَنَانِيرَ لِلزِّينَةِ) : إنْ كَانَتْ الزِّينَةُ لِرِجَالٍ، فَالْمَنْعُ لِحُرْمَةِ الْمَنْفَعَةِ. وَإِنْ كَانَتْ لِنِسَاءٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّنَانِيرِ وَالْحُلِيِّ.
(وَلَا آلَةٌ) لِلَّهْوِ (أَوْ جَارِيَةٌ لِلْغِنَاءِ. أَوْ) نَحْوُ اسْتِئْجَارِ (حَائِضٍ) أَوْ نُفَسَاءَ (لِكَنْسِ مَسْجِدٍ) ، وَهَذَا مُحْتَرَزٌ " غَيْرُ حَرَامٍ " (وَلَا لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) : وَأَوْلَى الْفَرْضُ لِتَعَيُّنِ ذَلِكَ.
(بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ) : كَتَغْسِيلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ حَيْثُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى أَحَدٍ، فَيَجُوزُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مِنْ سَائِرِ الرَّيَاحِينِ] : بَيَانٌ لِنَحْوِ التُّفَّاحَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا آلَةٌ لِلَّهْوِ] : أَيْ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ جَوَازُهُ فِي النِّكَاحِ فَكُلُّ مَا جَازَ مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ فِي النِّكَاحِ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا فِيهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ جَارِيَةٌ لِلْغِنَاءِ] : وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ، نَحْوِ الْمُنْشِدِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْقَصَائِدَ النَّبَوِيَّةَ وَالْكَلَامَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْمَعَارِفِ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ، وَتَقَدَّمَ لَنَا مَبْحَثٌ طَوِيلٌ فِي الْوَلِيمَةِ فِي حُكْمِ الْمَلَاهِي فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا مُحْتَرَزٌ غَيْرُ حَرَامٍ] : اسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَا آلَةٌ لِلَّهْوِ إلَى هُنَا.
قَوْلُهُ: [وَلَا لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ] : أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي الْمُتَعَيَّنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا أَوْ مَنْدُوبًا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَسَائِرِ الْمَنْدُوبَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَأَمَّا الْمَنْدُوبَاتُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا، وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّ جَوَازَ الْإِجَارَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَبْنِيٌّ عَلَى وُصُولِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ لِمَنْ قُرِئَ لِأَجْلِهِ كَالْمَيِّتِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ وُصُولُ ذَلِكَ بِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [كَتَغْسِيلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ] : أَيْ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ عَلَى مَنْعِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهَا، قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فَإِنْ قُلْت: صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عِبَادَةٌ لَا يَتَعَيَّنُ فِعْلُهَا عَلَى أَحَدٍ لِمَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا؟ قُلْت لَمَّا كَانَتْ عِبَادَةٌ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ الْمُتَمَيِّزَةِ بِصُورَتِهَا لِلْعِبَادَةِ وَالصَّلَاةِ لَا تُفْعَلُ لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ مُنِعَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْغُسْلُ فَيَكُونُ لِلْعِبَادَةِ وَالنَّظَافَةِ، وَكَذَا الْحَمْلُ لِلْمَيِّتِ تُشَارِكُهُ فِي الصُّورَةِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَتَمَحَّضْ بِصُورَتِهِ لِلْعِبَادَةِ (اهـ بْن) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute